فصول من التاريخ السعودي الأسود في لبنان

ليس يزيد بن فرحان أوّل المديرين السعوديين للشأن اللبناني. للسعودية أيادٍ سوداء كثيرة في لبنان، منذ تفجير بئر العبد (1985) إلى دعم التنظيمات السلفيّة الإرهابية وصولًا إلى اختطاف رئيس الحكومة سعد الحريري والتحريض على الحرب الأهلية والتحكّم عبر التمويل والتوجيه بالإعلام والمساهمة في التضييق الاقتصادي على لبنان.

- تفجير بئر العبد: موّل النظام السعودي عملية الإغتيال الفاشلة المشتركة مع المخابرات الأميركية بحق المرجع الديني الراحل السيد محمد حسين فضل الله في 8 آذار 1985. التفجير في منطقة بئر العبد قتل 105 مواطنين لبنانيين بينهم أطفال.

- في كانون الثاني 2000 خاضت مجموعة إرهابية مسلّحة اشتباكات مع الجيش اللبناني ما أدى إلى سقوط أحد عشر شهيدًا من الجيش اللبناني و4 شهداء من المدنيين. من قادة هذه المجموعة الإرهابية كان بسام اسماعيل حمود (أبو بكر)، الذي كان قد التحق بالمجموعات الإرهابية في السعودية حيث كان يعمل.

- عام 2005 استغلّت السعودية الانقسام السياسي اللبناني عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. دعمت الرياض اتجاهًا لبنانيًا يدعو إلى مهاجمة رئيس الجمهورية العماد إميل لحّود والتوهين من موقع الرئاسة الأولى.

* وقفت السعودية خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 إلى جانب الكـ.ـيان، وهاجمت المقـ.ـاومة اللبنانية حينها ووصفتها بـ"المغامرين". وقد أبدى رئيس حكومة العـ.ـدو حينها ايهود أولمرت في تشرين الثاني 2006 إعجابه بأداء وسياسية الملك السعودي في ذلك الوقت عبد الله بن عبد العزيز خلال الحرب واعتبر أن القتال في لبنان كشف عن مصالح مشتركة بين "إسرائيل" و"بعض الدول العربية المعتدلة".

- ساهمت الرياض في تعزيز الانقسام اللبناني بعد دعمها حكومة فؤاد السنيورة الفاقدة للميثاقية عام 2007.

- موّلت السعودية ودعمت المجموعات الإرهابية في سوريا التي احتلت القصير وعرسال واعتقلت وأعدمت عسكريين لبنانيين عام 2014، كما كان لها دور مباشر في التفجيرات الإرهابية التي طالت مختلف المناطق اللبنانية.

- في 4 تشرين الثاني 2017، اختَطَف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لرفضه التورط في إشعال حرب أهلية لبنانية.

- في أيار 2021 ثارت ثائرة الرياض وجوقتها بعد رد فعل من وزير الخارجية اللبنانية شربل وهبي، الذي وصف الخليجيين بـ"البدو" في مقابلة على قناة "الحرة" في معرض ردّه على تهجّم المحلل السياسي السعودي سلمان الأنصاري على رئيس الجمهورية آنذاك العماد ميشال عون. ورغم إصدار رئاستي الجمهورية والحكومة بيانين توضيحيين، تلاهما بيان من الوزير وهبة نفسه، استدعت وزارة الخارجية السعودية السفير اللبناني لديها. وتربّع السفير السعودي في لبنان وليد البخاري في مقر إقامته على عرشٍ نصبه لنفسه داخل خيمة خصصها لاستقبال وفود المعتذرين، متقصّدًا تصدير صورة إذلال للّبنانيين.


- في تشرين الثاني 2021 استدعت السعودية سفيرها في بيروت للتشاور وأمهلت السفير اللبناني على أراضيها 48 ساعة لمغادرة البلاد. وقررت أيضًا وقف كل الواردات اللبنانية من السلع والبضائع من دخول أراضيها. كل ذلك بسبب "اكتشاف" تصريح لوزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي، خلال مقابلة أجريت قبل توليه الوزارة، وصف فيه العدوان على اليمن بأنه "حرب عبثية". وأُجبِر الوزير قرداحي على الاستقالة. 


-  شنّت الماكينة الدعائية السعودية حملات من الإهانات والإساءات الشخصية بحق الرئيس ميشال عون، منذ إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية، وقد عنونت قناة "العربية" في 30 تشرين الأوّل 2016: "حليف "حزب الله" وابن بياع للحليب قد يصبح رئيسًا للبنان"!

- ساهمت السعودية في الحصار الأمريكي على لبنان سيّما بعد قانون قيصر بحق سوريا، حيث منعت استيراد الخضروات والفواكه من لبنان وحظرت المرور عبر أراضيها اعتبارًا من 23 آذار 2021 بعد مزاعم بضبط شحنة مخدرات داخل شحنة فواكه قادمة من لبنان.

لكن مسؤولية السعودية في لبنان لا تقتصر على تمويل الحروب والإرهاب، بل تمتدّ إلى تغطية النظام الاقتصادي الذي تشكّل في حقبة الوصاية السورية (1990–2005). فخلال تلك الفترة:

- لعبت السعودية دورًا في تغطية نموذج الاقتصاد الريعي والمالي الذي كان قائمًا، والذي تسبّب لاحقًا بأحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية عالميًا.

- كانت الرياض طرفًا أساسيًا في الاستثمارات داخل القطاع المصرفي اللبناني وحصدت مؤسسات سعودية وشخصيات مرتبطة بالنظام أرباحًا طائلة من الفوائد المصرفية، على حساب استقرار الاقتصاد اللبناني.

- تتحمّل السعودية جزءًا كبيرًا من تبعات الانهيار الاقتصادي، بعدما شاركت في صياغة هذا النموذج وحصدت ثماره.

- ⁠تقاسمت السعودية "الوصاية" مع النظام السوري على لبنان تحت رعاية أميركية - فرنسية منذ العالم 1990 حتى العام 2005.

امتدّ الدور السعودي الخبيث في لبنان من التمويل والتحريض الإعلامي، إلى تغذية الانقسام الأهلي، ورعاية الإرهاب، والمشاركة في رسم نموذج اقتصادي منهار بالتوازي مع حقبة "الوصاية السورية". هذه الوقائع تجعل من الصعب على السعودية التعامل مع لبنان بصفتها "منقذًا"، أو على الأقل "طرفًا محايدًا" يمكن الركون الى "آرائه" أو "أوامر" مبعوثيه.