الوكر المعلوماتي السعودي الإسرائيلي يواصل فبركة أكاذيب "كوكايين حزب الله".
في 17 آب/أغسطس 2025، نشرت صحيفة The Spectator البريطانية تقريراً بعنوان "كيف أصبحت إيرلندا ملاذاً لكوكايين حزب الله".
التقرير يُقدَّم كتحقيق استقصائي أمني، لكنه في الحقيقة أقرب إلى سيناريو سينمائي يعتمد التشويق والتهويل أكثر مما يعتمد على أدلة موثوقة. وأعادت قناة الحدث الترويج له وهي تقنية إعلامية معروفة في الحملات الاعلامية، حيث يقوم "مطبخ إعلامي" ببث معلومات مزيفة عبر جهة ذات مصداقية متدنية ثم تقوم وسائل معروفة باعادة بث وترويج تلك المعلومات دون أن تتحمل مسؤوليتها.
أولاً: ضعف البنية الاستدلالية
التقرير يكرر عبارة "تورّط حزب الله في تجارة المخدرات موثّق جيداً"، لكنه لا يقدّم أي مستند أو دليل قضائي مباشر يربط بين الشحنة التي ضُبطت في إيرلندا وبين الحزب. ما نجده بدلاً من ذلك هو:
تصريحات منسوبة إلى "خبير أمني" مجهول الهوية.
الإشارة إلى "Captain Noah" كشخصية ظل مرتبطة بحزب الله، من دون وثائق أو مصادر.
توصيف عام لحزب الله كتنظيم مضغوط مالياً فيلجأ إلى المخدرات، وهي قراءة سياسية لا تثبت شيئاً بحد ذاتها.
ثانياً: الخلط بين السياسة والجريمة
تعمّدت الكاتبة ربط العملية مباشرة بالحرب الإسرائيلية على حزب الله، عبر الإيحاء بأن الضغط المالي الإسرائيلي على الحزب هو ما دفعه إلى "الانخراط في تجارة الكوكايين". هذا التوظيف يضعف الطابع المهني للتقرير ويحوّله إلى مادة دعائية تخدم الرواية الإسرائيلية – الأطلسية.
ثالثاً: أسلوب الإثارة على حساب الدقة
القارئ يجد نفسه أمام مشاهد مطاردة بحرية، عواصف، إنزال كوماندوس من مروحية… بينما تغيب الأرقام الدقيقة عن مسارات التمويل، أو أدلة مادية من أجهزة الاتصالات التي صودرت، أو حتى اعترافات موثّقة. النتيجة: حبكة مشوقة لكن تفتقر للأدلة.
رابعاً: استهداف إيرلندا لتأنيب أوروبا
يوظّف التقرير ضعف البحرية الإيرلندية ليقول إن إيرلندا "سلّمت مفاتيحها للكارتلات". الرسالة ليست موجَّهة لحزب الله بقدر ما هي انتقاد للاتحاد الأوروبي واتهامه بالتقصير الأمني، تمهيداً لتبرير مزيد من عسكرة الحدود والتعاون مع الناتو وإسرائيل.
الأمر مشابه لما يحصل في دول أميركا اللاتينية منذ سنوات، حيث تضخ وسائل إعلامية مرتبطة باللوبي الإسرائيلي قصصاً عن علاقة مزعومة لحزب الله بتجارة المخدرات انطلاقاً من دول كالأرجنتين وفنزويلا وباراغواي والبرازيل وكولومبيا لاستهداف الحكومات والأحزاب الحاكمة في تلك الدول.