نواف سلام يطلب العدالة من أبو محمد الجولاني!!

بلا أثر كان حديث رئيس الحكومة نواف سلام مؤخرًا عن طلبه من رئيس النظام الجديد في سوريا ابو محمد الجولاني معلومات "تهمّه" عن جرائم مرتكبة في لبنان، كتفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس عام (2013). الجولاني نفسه هو زعيم تنظيمٍ إرهابي كان مسؤولًا عن عدد من التفجيرات الإرهابية في لبنان، واحتلال عرسال، وخطف وإعدام جنود من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي! 

ماذا في التفاصيل؟ 

في مقابلته مع صحيفة "الشرق الأوسط" في 17 آب 2025، أعلن سلام أنه طلب "من الرئيس الشرع أن يعطينا اي معلومات قد تفيدنا في قضايا داخلية لبنانية تهمّنا كثيرًا، مثل تفجير المسجدين في طرابلس (التقوى والسلام).. أو حول الانفجار الذي وقع في البور ومسألة النيترات".

تجاهل سلام أنه يخاطب رأس هرم التنظيم الإرهابي المتمثل بـ"جبهة النصرة"، الذي قاتل الجيش اللبناني وخطف وأعدم جنوده على مدى سنوات بعد غزوه، إلى جانب تنظيم "داعش"، بلدة عرسال البقاعية في آب 2014. حينذاك اتخذ جرود عرسال منطلقًا وممرًا لتفخيخ السيارات وإرسالها إلى قلب المدن اللبنانية المكتظة بالسكان:

- ​16 كانون الثاني/يناير 2014: تبنّت النصرة عملية تفجير انتحاري بسيارة مفخخة استهدفت مدينة الهرمل في البقاع، ما أسفر عن استشهاد 3 أشخاص وإصابة 28 آخرين.

- ​21 كانون الثاني/يناير 2014: تبنّت "النصرة" تفجيرًا انتحاريًا في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، ما أسفر عن استشهاد 5 أشخاص وإصابة نحو 50 آخرين.

​- 10 كانون الثاني/يناير 2015: تبنّت "النصرة" تفجيرًا انتحاريًا مزدوجًا في مقهى بمنطقة جبل محسن في طرابلس، ما أدى إلى استشهاد 9 أشخاص وإصابة أكثر من 30 آخرين.

​- آب/أغسطس 2014: خلال معارك عرسال، أقدمت جبهة "النصرة" مع مجموعات مسلّحة أخرى على اختطاف عدد من العسكريين اللبنانيين من الجيش وقوى الأمن الداخلي. واستمرت المفاوضات لإطلاق سراحهم لأكثر من عام قامت خلالها جبهة "النصرة" بإعدام عدد من الجنود.

- ​21 أيلول/سبتمبر 2014: تبنت جبهة "النصرة" تفجير عبوة ناسفة شرق لبنان ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص بحسب مصادر طبية.

​- 10 تشرين الأول/أكتوبر 2014: أعلن جنديان لبنانيان انشقاقهما عن الجيش اللبناني وانضمامهما إلى جبهة النصرة في منطقة القلمون.

عشرات الضحايا اللبنانيين من القوى الأمنية والمدنيين، نتيجة ارتكابات جبهة "النصرة" في لبنان خلال تلك الفترة، لم يذكر منها سلام ارتكابًا واحدًا أمام مستضيفه، بل استقوى بالمتغيرات السياسية، لينتقي من الأجندة الوطنية ما يتلاءم مع سلسلة جرائم أبو محمد الجولاني، ويتقدم اليه بطلب الحصول على المعلومات! 
هل تعتبر هذه الحادثة سقطة في سجلّ سلام؟ يُستبعد ذلك، فالرجل يعرف جيّدًا آثار وتبعات وتداعيات ومعاني خطواته، انطلاقًا من سنوات عمره التي قضاها في المحاكم الدولية. 

يوصل سلام رسالة خطيرة للبنانيين، خصوصًا أهالي ضحايا "جبهة النصرة"، من المدنيين والعسكريين، بأنه غير معني بقضيتهم، وقادر على تجاوز ذاكرتهم وجراحهم مقابل مكاسب سياسية في لحظة متغيّر إقليمي.