أين نواف سلام؟
مقرِّر أممي: الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان بعد الهدنة ترقى إلى مستوى جرائم حرب.فيما يطلق بعض اللبنانيين خطاباً مبرّراً للاعتداءات الإسرائيلية على الأفراد داخل سياراتهم في جنوب لبنان باعتبارهم "أهدافًا عسكرية"، أكّد المقرّر الخاصّ للأمم المتحدة "موريس تيدبول-بنز"، أنّ الضربات الإسرائيلية التي تستهدف سيارات في لبنان منذ إعلان وقف إطلاق النار، يمكن أن تشكّل "جريمة حرب".
في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية يوم 17 تشرين الأوّل 2025 لوكالة "فرانس برس"، قال "تيدبول-بنز": "في ظلّ عدم توفر أدلة مقنعة على أنّ هذه الأهداف المدنية لها استخدامات عسكرية (..)، هذه الضربات غير قانونية". وأضاف أنّ "عمليات القتل الناجمة عن هذه الهجمات (..) تبدو، برأيي، جرائم حرب".
مسؤولية الحكومة اللبنانية
قبل تصريح المقرِّر الأممي، أفاد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR) في بيان يوم 1 تشرين الأوّل 2025 بأنّها "تحقّق من مقتل 103 مدني في لبنان منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ حتى نهاية أيلول 2025". وهذا الرقم يواصل ارتفاعه مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية اليومية، والتي تطال مدنيين بينهم نساء وأطفال، وعمّال على جرّافاتهم وآلياتهم المدنيّة.
أمام هذا الواقع، يتوجّب على حكومة الرئيس "نواف سلام" القيام بدورٍ فعّال في الكشف عن هذه الجرائم وملاحقتها، لا سيّما وأنّ لدى رئيس الحكومة خلفيّة قانونية انطلاقاً من مهامه السابقة في رئاسة محكمة العدل الدولية، وعلى الحكومة إدانة كلّ هجوم وإثبات انتهاكه للقانون الدولي الإنساني، وتوصيفه بأنه جريمة حرب، بالتعاون مع الجهات الدولية المعنيّة. والتقاعس في هذا المجال يُفسّر على أنّه تسليمٌ ضمنيّ بانتهاك حقوق المدنيين في لبنان واستمرار تعريضهم للقتل الإسرائيلي اليومي.
الجريمة في القانون الدولي الإنساني:
تجدر الإشارة إلى أنّه وفق القانون الدولي الإنساني، يبقى أفراد القوات المسلّحة هدفاً مشروعاً للهجوم أثناء مشاركتهم في العمليات القتالية، إلّا إذا خرجوا عن القتال.
وتنصّ المادة 41 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 صراحة على أنّه: "لا يجوز أن يكون الشخص الخارج عن القتال هدفاً للهجوم".
أما المادة 43 فتوضح أنّ أفراد القوات المسلحة يفقدون صفة “المقاتلين” عندما يتوقّفون عن القتال أو يندمجون في الحياة المدنية.
وقد فسّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (التعليق على البروتوكول الإضافي الأول (1987)، الفقرات 1679–1681) هذه المواد بوضوح، مؤكِّدة أنّ العسكري الذي يوجد في وضع مدني، ولا يشارك فعلياً في العمليات العدائية، لا يجوز استهدافه في تلك الحالة، لأنّ مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين (المادة 48) يوجب توجيه الهجمات فقط ضد الأهداف العسكرية.
كذلك نصّت القاعدة السادسة من القانون الدولي الإنساني العرفي على أنّ "المدنيين محميّون من الهجوم، إلا إذا شاركوا مباشرة في الأعمال العدائية، وفي أثناء تلك المشاركة فقط".
بناءً على ما تقدَّم، فإنّ استهداف العسكري في حالته المدنية أو أثناء خروجه عن القتال، كما في حالات استهداف الأفراد المنتمين إلى حزب الله داخل سياراتهم ومع عوائلهم وهم في حالاتهم المدنيّة من دون انخراط في القتال، يُعَدّ انتهاكاً واضحًا للقانون الدولي الإنساني، لأنه لا يشكّل في تلك اللحظة هدفًا عسكرياً مشروعاً.