قصة الـ16 مليار دولار التي أضافها رياض سلامة إلى الدين العام

إعداد: باسم جوني

في جميع تعاملاتها المالية، لا تستخدم الدولة اللبنانية سوى عملتها الوطنية، أي الليرة اللبنانية. لكنها، بطبيعة الحال، مضطرة إلى استخدام العملات الأجنبية في كل تعاملاتها مع الخارج. وبحسب القانون، فإن مصرف لبنان، بصفته مصرف الدولة، مضطر إلى تأمين العملات الأجنبية للدولة، على أن تسدّد الحكومة له بالليرة اللبنانية قيمة المبالغ التي يقدمها لها بالدولار أو بأي عملة أجنبية أخرى. 
بقي الحال كذلك إلى أن كشف الحاكم السابق لمصرف لبنان، رياض سلامة أنه، منذ العام 2007، يسجّل الدولارات التي يؤمنها للدولة بوصفها دَينًا عليها! 

هذه العملية كانت تتم بمعرفة سلامة حصرًا، وصولًا إلى شهر شباط 2023، حين نشر المصرف المركزي بيانه الموجز نصف الشهري عن ميزانيته العمومية المؤقّتة، وتبين أن الدولة اللبنانية "استدانت"، من دون علمها، مبلغ 16.5 مليار دولار من مصرف لبنان.

تكمن الإشكالية في أن هذا الدين سُجل من طرف واحد، ولا علم للحكومات السابقة بها، ولا حتى في سجلات الموازنات ولا باحتساب الدين العام من قبل وزارة المالية. كما أنه لا يستند إلى أي أساس قانوني، فالنصّ الدستور اللبناني يشير إلى أنّ أي التزام مالي على الدولة يجب أن يُقرّ بقانون صادر عن مجلس النواب، وبموافقة الحكومة. كذلك يفرض قانون النقد والتسليف ألّا تُقرض الدولة إلا بموجب "عقد قرض" واضح ومحدد.

وعلى الرغم من أن الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة المالية منذ صدور القرار لم يعترفوا بهذه الديون ولا كانوا على علم بها، إلا أن تمسك حاكم مصرف لبنان الجديد كريم سعيد بـ "سردية" رياض سلامة يخلق مشاكل إضافية للدولة وللشعب اللبناني، إذ إن تسديد أي دين سيقع في النهاية على عموم المواطنين والسكان عبر زيادة نسبة الجباية الضريبية. 
تسجيل مبلغ 16.5 مليار دولار دَينًا على الدولة لمصرف لبنان يخدم رواية أصحاب المصارف الذين يزعمون أنهم أودعوا دولارات المودعين في مصرف لبنان الذي أقرضها للدولة. وبالتالي، على الدولة أن تردّ هذه المليارات لمصرف لبنان ليردّها بدوره إلى أصحاب المصارف! 

وبذلك، تكون مسؤولية "أموال المودعين" قد نُقِلت من أصحاب المصارف إلى الدولة، وتاليًا إلى عموم المواطنين والسكان الذين سيكونون مضطرين إلى دفع المزيد من الضرائب لتسديد "الدَّين"!

الخبير المالي والاقتصادي توفيق كسبار سبق أن أعدّ دراسة أثبت فيها أن الدول دفعت لمصرف لبنان دولارات أكثر مما اخدت منه. هذه الدراسة تُسقط كل مزاعم رياض سلامة وأصحاب المصارف.

منشورات ذات صلة