ما جمعته السعودية.. فرقته البلدية!

شهدت الساحة السياسية اللبنانية سجالًا حادًا بين حزبي "الكتائب اللبنانية" و"القوات اللبنانية"، على خلفية الانتخابات البلدية الأخيرة في مدينة زحلة. التراشق الكلامي بدأ بين النائب سليم الصايغ (عن الكتائب) والنائب جورج عقيص (عن القوات)، قبل أن يتوسع ليشمل رئيس جهاز الإعلام والتواصل في "القوات" شارل جبور، اضافة الى ابنة الزعيم المسيحي التاريخي بشير الجميل، يُمنى!
يعكس هذا السجال بين الحليفين الأساسيين للسعودية على الساحة المسيحية في لبنان، توترًا متزايدًا نتيجة للشعور المسيحي العام بهيمنة "القوات" على الحصة المسيحية من الدعم المادي والسياسي والخدماتي المخصصة في إطار "مواجهة المشروع الإيراني وأدواته في لبنان". صحيح أن هذا السجال ناتج عن التوتر الحاصل على خلفية ما اعتُبر "طعنة قواتية في ظهر الكتائب" إبّان الانتخابات البلدية الأخيرة في زحلة، وما تبعها من تصريحات استفزازية من قبيل "ع زحلة ما بتفوتوا" التي استعارها زعيم "القوات" سمير جعجع من أرشيف الحرب الدموية بين المسيحيين في لبنان، ورددها خلفه عدد من مسؤولي "القوات". إلا أنه يمكن أيضًا اعتباره تعبيرًا عن رفض مسيحي للرعاية الخارجية المطلقة لـ"القوات"، على حساب باقي الأفرقاء، خصوصًا المسيحيين الذين وقفوا إلى جانب مشروع مواجهة إيران وحزب الله في لبنان منذ اللحظة الأولى لإعلان مشروع 14 آذار عام 2005 حتى اليوم، وهو ما تعبّر عنه الكثير من الشخصيات المسيحية الحزبية أو المستقلة، في الأحاديث التي تضج بها الكواليس والصالونات السياسية.

حفلة رد وشتائم
انطلق الخلاف بعد تصريحات أدلى بها الصايغ في مقابلة تلفزيونية، هاجم فيها التحالف الانتخابي بين "القوات" و"الكتلة الشعبية" في زحلة، موجهًا انتقادات مباشرة لعقيص. وقال الصايغ: "كان حريًّا بالنائب جورج عقيص الفوز ببلدته قبل أن يتكلم باسم أبطال زحلة"، مضيفًا: "عندما كانت الكتائب تدافع عن زحلة، كان جورج عقيص بالبامبرز".

عقيص: شتائم لا تليق بدكتور في السياسة
لم يتأخر عقيص في الرد، فكتب على منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "يتناولني الزميل سليم الصايغ، الدكتور في العلوم السياسية على ما يقال، بتعابير تليق بالشتّامين المبتدئين أكثر مما تليق بدكاترة السياسة". وأضاف: "ربما هو يرى كوابيس اليقظة، أو ربما استفاق متأخرًا عن شيء ما، وغالبًا ما تصيب الاستفاقة المتأخرة المرء بالتعب، فتخونه حركته وألفاظه"، خاتمًا بالقول: "وللحديث تتمة إن اقتضى الأمر".

جبور يدخل على الخط
من جهته، دخل شارل جبور على خط السجال، مدافعًا عن عقيص ومهاجمًا الصايغ، فكتب: "أجزم بأن لا علاقة للاعتداء المتكرّر من النائب سليم الصايغ ضد النائب جورج عقيص بالعلاقة بين القوات والكتائب، فما يجمعهما لا يفرّقه صايع". وأضاف: "من المعيب لنائب يحترم نفسه أن يتهجّم على زميل في حزب حليف بلغة 'البامبرز'، ولا تفسير لهذا الهجوم إلا عقدة نفسية من عقيص الناجح، وهو الفاشل".

الصايغ يرد مجددًا
الصايغ ردّ على جبور بنبرة حادة، قائلًا: "يا ليتك انتظرت لمشاهدة الحلقة قبل الرد، ليأتي موقفك متكاملًا لا منقوصًا، وهادئًا لا مرتبكًا". وتابع: "إهانة الكتائبيين في زحلة عبر وصفهم بما وصفهم به النائب جورج عقيص لا يمكن السكوت عنها". وعن تعبير "البامبرز"، أوضح أنه لم يكن هدفه الإهانة بل الإشارة إلى الفارق الزمني، قائلًا: "هو تبرئة له، لأنه لم يكن حينها مدركًا لما يجري".

واستغرب الصايغ اتهامه من قبل جبور بـ"عقدة نفسية من النجاح"، معلقًا: "ما زلت أبحث عن معنى ومقصد هذا الكلام غير المفهوم".
الجميّل: احترم حالك!
ودخلت يمنى الجميّل على خط السجال المستعر بين مسؤولي القوات والكتائب، فكتبت على حسابها على منصة "اكس": "ما يحصل اليوم من قبل بعض المسؤولين الكتائبيين يدل على عدم احترامهم رمزية الحزب العريق الذي ينتمون إليه، حزب لبنان والمسيحيين. لن نسمح بأن تطال استعراضاتكم مقامات ورموزًا وطنية. لا يا دكتور سليم، بشير الجميّل لم يكن يعطي أوامر معاكسة للقضية لتطفئ جهازك أو تتمرد عليه. لن أدخل في سجال حول ما إذا كان لديك جهاز أم لا، بل سأكتفي بكلمة واحدة: احترم حالك".

... والصايغ يرد
"إحترامًا لمقام الرّئيس بشير الجميل، لن أردّ عليك بالتّشكيك في كلامك أو بمصداقيّة أدائك"، مضيفًا: "اسألي القادة الّذين صنعوا تاريخ المقاومة اللّبنانيّة، وكان لوالدي شرف أن يكون من بينهم وأن يكون كذلك رئيسًا للشّيخ بشير في الحزب، كم مرّة تمّ عصيان الأوامر، وكم مرّة كان العقاب بالانتظار، وأنا كنت أحد المعاقبين".
وتابع: "حتّى الشّيخ بشير نفسه عندما عصى تعليمات الحزب، تمّت معاقبته حسب الأصول الحزبيّة، إذ لم يكن أحد أكبر من حزبه"، مشدّدًا على "أنّنا لم نكن يومًا عبدة الأشخاص أو الأصنام، وكان البشير رفيقًا متواضعًا محبًّا عادلًا كسب القلوب بقوّة الجاذبيّة والحق". وأشار الصّايغ إلى أنّه "أمّا عن امتلاكي جهازًا من عدمه، فإنّي لا أنسب لنفسي أي شيء، لأنّي لست سوى الحقير الّذي كرّس حياته للخدمة ليس إلّا".

لا مؤشرات على التهدئة
حتى الساعة، لا يبدو أن السجال في طريقه إلى التهدئة، إذ لا تزال الردود والردود المضادة تتوالى بين الجانبين، ما يعكس توترًا متصاعدًا داخل صفوف الأحزاب الحليفة المفترضة في المشهد المسيحي اللبناني.

منشورات ذات صلة