نواف سلام يغرف من جعبة السنيورة
زيادة أسعار البنزين والمازوت!في خطوة مباغتة، أقرت حكومة نواف سلام الخميس 29 أيار 2025 زيادات على أسعار المحروقات، من دون أي مقدمات أو تمهيد يحضر المواطن لما ينتظره من عواقب القرارات المُهَرَّبة.
* الزيادة بالأرقام
- البنزين 95 أوكتان: أصبح 1,489,000 ل.ل. (زيادة 7.2%)
- البنزين 98 أوكتان: 1,529,000 ل.ل. (زيادة 7.07%)
- المازوت: 1,393,000 ل.ل. (زيادة 14.27%)
* خطورة القرار
فيما لا يزال لبنان يعاني من آثار واحدة من أسوأ الانهيارات الاقتصادية في العالم، اتخذت حكومة نواف سلام قرارًا خطيرًا على الاقتصاد، إذ تنعكس أي زيادة على أسعار المحروقات ارتفاعًا لكلفة النقل والإنتاج والكهرباء، وبالتالي ارتفاع أسعار كل الأساسيات التي تمس جميع السكان.
وفي لبنان، البلد الذي صرف أكبر ميزانياته لاصلاح قطاع الكهرباء منذ عام 1992 وما زال حتى 2025 يعتمد على ما يأتيه من هبات عراقية لتشغيل معامل انتاج الكهرباء، يعتبر المازوت تحديدًا العمود الفقري لمختلف القطاعات الإنتاجية، حيث تعتمد المستشفيات والأفران والمصانع والمنازل والمؤسسات على المولدات الخاصة العاملة على المازوت. وقرار حكومة نواف سلام، القادمة على بساط الإصلاح، رفع سعر المازوت بنسبة تفوق 14% ليس مجرد تهريبة في مجلس الوزراء، بل ضربة مباشرة للاقتصاد والمواطن.
في أي بلد متقدّم كالذي وعد به نواف سلام اللبنانيين قبيل اختباره رئيسًا للحكومة، كان يمكن لقرار كهذا أن يؤدي إلى إسقاط حكومات وقيام أخرى. فهذه القرارات المصيريّة، لا يصلح أن يصدم بها المواطنون بين ليلة وضحاها، بل تتطلّب درجة عالية من الشفافية والتمهيد والبحث في انعكاساتها ونتائجها.
التهريبة
الإعلان عن زيادة أسعار المحروقات تم على شكل تهريبة، بما يخالف كل الأكاذيب الرسمية حول الشفافية وما شاكل من عبارات التضليل. فوزير الإعلام، بول مرقص، أعلن أن مجلس الوزراء قرر إعادة أسعار المحروقات إلى ما كانت عليه عند تأليف الحكومة.
التدقيق في قرار مجلس الوزراء يُظهر أنه قرر احتساب الزيادة الحالية ضمن المعاملات الجمركية، وتثبيتها كذلك. بصريح العبارة، الحكومة قررت زيادة أسعار المحروقات من خلال فرض ضريبة على جميع المستهلكين، من دون النظر إلى أي فوارق في ما بينهم.
الذريعة
مجلس الوزراء لم يعلن صراحة سبب الزيادة الضريبية، لكن الوزراء قالوا إن السبب هو تأمين الأموال اللازمة لتنفيذ القرار الذي صدر في الجلسة نفسها والقاضي بمنح كل عسكري في الخدمة مبلغ ١٤ مليون ليرة شهرياً (نحو ١٥٧ دولارا)، بصفة "منحة" شهرية، بدءاً من ١/٧/٢٠٢٥.
ما أقرته الحكومة يعني منح كل عسكري مبلغاً من المال سيدفعه وربما يدفع ما يفوقه لتسديد تكاليف النقل وفاتورة مولد الكهرباء، وكل ما عداهما من السلع والخدمات التي ستتضخم أسعارها نتيجة الزيادة الحكومية على أسعار المحروقات.
* من المسؤول؟
يتحمل نواف سلام شخصيًا المسؤولية. رئيس الحكومة الحالي، الذي قدم نفسه كوجه إصلاحي، يكرر أخطاء من سبقوه: زيادة الضرائب على عموم السكان من دون إصلاح حقيقي، ومن دون الجرأة على مواجهة منظومة المصالح الأكبر، ولا جرأة على إصلاح ضريبي حقيقي يؤدي إلى زيادة الواردات، بصورة عادلة، بدل فرض ضريبة ظالمة كونها تشمل الغني والفقير ومتوسط الدخل بالقدر نفسه!
على خطى السنيورة!
فرض ضريبة على استهلاك المحروقات هو من الإجراءات الضريبية المفضلة للحكومات المتعاقبة، لا سيما تلك التي كان يتولى ماليتها الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة وتلامذته. وهي بديل عن تنفيذ إصلاح ضريبي يجعل القدر الأكبر من الضرائب على عاتق الذين يجمعون ثروات طائلة على حساب المجتمع.
كذلك الأمر بالنسبة لقرار "المنحة الشهرية" للعسكريين، التي تعكس تهرّب حكومة نواف سلام من تصحيح رواتب موظفي القطاع العام، مدنيين وعسكريين، الذين لا تزال رواتبهم دون عتبة العشرين في المئة مما كانت عليه عام ٢٠١٩.