إعلام الوصاية يتبنى روايات العدو حول الجيش اللبناني

"عميل حزب الله محمد فرحات"، هكذا وصف "الأستاذ الجامعي" شارل شرتوني شهيد الجيش اللبناني محمد فرحات الذي أحيت عائلته قبل أيام الذكرى الأولى لشهادته باستهداف إسرائيلي "أثناء تنفيذ عملية إخلاء جرحى في خراج بلدة ياطر – بنت جبيل في الجنوب"، بحسب بيان الجيش اللبناني.

أغيظ الرجل الذي يرفع شعارات "السيادة" على منابر إعلام الوصاية من حفل افتتاح ثكنة محمد فرحات، برعاية وحضور قائد الجيش العماد رودولف هيكل، في بلدة كفردونين في 23 تشرين الأول. وهو نفسه سبق أن اتهم عشرات العسكريين من مخابرات الجيش اللبناني بـ"العمالة لحزب الله"، فكتب على حسابه على "إكس" في 24 آب: "محمد فرحات، ماهر رعد، سهيل حرب، وعشرات العسكريين داخل مخابرات الجيش هم عملاء لحزب الله".

صحيح أن شرتوني لا يمثل أي حيثية سياسية ذات وزن، ولا هو شخصية إعلامية ذات حضور، لكن إعلام الوصاية يحاول فرضه على المشاهدين رقمًا منافسًا على ساحة "الناشطين – الخبراء – المحللين" المزدحمة. فكان ضيفًا في برنامج "صار الوقت" على "أم تي في" في 16 تشرين الأول، كما استضيف في حلقة على "الشفافية نيوز" في 28 تشرين الأول بعد حادثة مقتل شاب مسيحي في مخيم شاتيلا، ليعلن أن "البلاد أصبحت تحت سيطرة دولة بوليسية إرهابية".

يتبنى إعلام الوصاية و"رجاله" الرواية الإسرائيلية لما يجري جنوب الليطاني، في وقت يؤكد فيه قائد الجيش ورئيس الجمهورية باستمرار وجود تعاون مع حزب الله والتزام بوقف إطلاق النار، وأن إسرائيل هي من تخرق وقف إطلاق النار. هذا الموقف من الجيش اللبناني يكشف حقيقة نظرة هذه القوى إلى الدولة اللبنانية، ويؤكد أن قضية السيادة والدولة لا تهمها، وأن هذا المنطق يضمن وضع لبنان في أتون الحرب الأهلية والتقسيم، ووضعه تحت الاحتلال.

في المحصلة، لا يقدم إعلام الوصاية ومن يروجون له خطابًا سياديًا وفق ما يدعون، بقدر ما يسوقون – عن وعي – للرواية الإسرائيلية حيال ما يجري جنوب الليطاني. ففي مقابل تكرار قيادة الجيش اللبناني ورئيس الجمهورية، في أكثر من مناسبة، أن التعاون قائم مع حزب الله وأنه ملتزم بوقف إطلاق النار، وأن "إسرائيل" هي من تخرق بشكل متكرر وقف إطلاق النار، يصر هؤلاء على تبني السردية المعاكسة التي تعفي الاحتلال من مسؤولياته.

هذا الموقف من الجيش اللبناني يكشف حقيقة خطاب أدعياء السيادة، بأن كل شعاراتهم حول الحرية والدولة والسيادة هي عناوين زائفة، وأن المطلوب بالنسبة إليهم تمزيق النسيج الوطني عبر خطاب تحريضي يعيد إنتاج واقع الحرب الأهلية، وفتح الباب أمام الوصاية الخارجية، ووضع لبنان تحت الاحتلال والتقسيم.

منشورات ذات صلة