حكومة الوصاية الأميركية.. تآمر على مصالح الشعب اللبناني

نالَت حكومةُ نواف سلام ثقةَ مجلسِ النواب في 26 شباط 2025 بناءً على التعهّدات التي أوردتها في البيان الوزاري بعد أكثر من أسبوعين على تشكيلها. اليوم، بعد مرور قرابة الـ8 أشهر على نيل حكومة "الإصلاح والإنقاذ" الثقة، يُلاحَظ فشلُها في الإيفاءِ بالكثير من تعهّداتها، نذكر بعضًا منها:

أوّلًا: حقّ لبنان في الدفاع عن النفس وردع المعتدي
أكّد البيانُ الوزاري التزامَ الدولة الكامل بمسؤوليّة أمن البلاد والدفاع عن حدودها، وردع المعتدي وحماية المواطنين وبسط السيادة على جميع الأراضي اللبنانيّة. كما شدّد على "حقّ لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أيّ اعتداء وفق ميثاق الأمم المتحدة".
لكن بحسب البيانات الرسميّة، بلغ عددُ المواطنين الذين استُشهدوا جرّاء الاستهدافات الإسرائيليّة على الأراضي اللبنانيّة، أكثر من 230 شهيدًا منذ وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024. كما بلغ عددُ الخروقات الإسرائيليّة أكثر من 4500 خرقٍ برّيٍّ وبحريٍّ وجويٍّ، في حين لم يُسجَّل أيّ خرقٍ للاتفاق من قبل الجانب اللبناني. مقابل هذه الاعتداءات، لم يُسجَّل أيّ تحرّكٍ عسكريٍّ بل حتى دبلوماسيٍّ من قبل الحكومة للرّد على الخروقات الإسرائيليّة بشكلٍ جدّيٍّ وفعّال، ولحماية المواطنين اللبنانيّين.

ثانيًا: الإسراع في إعادة الإعمار
رغم التأكيدات المتكرّرة لرئيس الحكومة بكون العمل على إعادة الإعمار التزامًا شخصيًّا منه وليس مجرّد وعد، إلّا أنّ هذا الملفّ لم يشهد أيّ تقدّمٍ منذ تشكيل الحكومة، بل يستمرّ العدوّ الإسرائيلي في تدمير المزيد من البنى التحتيّة المدنيّة خصوصًا تلك الواقعة في القرى الحدوديّة.

ثالثًا: متابعة قضيّة الأسرى اللبنانيّين
تعهّدت الحكومة في بيانها الوزاري بمتابعة قضيّة الأسرى اللبنانيّين في السجون الإسرائيليّة، إلّا أنّها لم تُصدر إلى اليوم أيّ لوائح رسميّة تحمل أسماء الأسرى وأماكن وظروف احتجازهم. كما أقدمت الدولة في عهد حكومة سلام على تسليم أسيرٍ يحمل الجنسيّة الإسرائيليّة احتُجز قبل عامٍ في لبنان دون الحصول على أيّ مقابل من الجانب الإسرائيلي.

رابعًا: تثبيت الحدود البحريّة
أقرّت حكومة سلام بتاريخ 23 تشرين الأوّل 2025 مشروعَ قانونِ ترسيم الحدود البحريّة مع قبرص. هذا القانون يُضيّع على لبنان مساحةً تُقدَّر في الحدّ الأدنى بـ3300 كلم مربّع، ويمكن أن تتجاوز 5000 كلم مربّع مكتنزةٍ بالثروات النفطيّة كما يُقدّر خبراء.

خامسًا: استئناف العمل في مجال التنقيب عن النفط والغاز
أوقف وزيرُ الطاقة في حكومة سلام بشكلٍ مفاجئٍ وبدون مبرّرٍ رسميٍّ، عملَ شركة TGS النروجيّة – الأميركيّة المكلَّفة بإجراء مسحٍ ثلاثيّ الأبعاد في البلوك رقم 8، وذلك رغم استكمالها لكلّ الأذونات الرسميّة المطلوبة وبعد وصول سفينة المسح التابعة لها إلى المياه اللبنانيّة.

سادسًا: الانتخابات البلديّة والاختياريّة والنيابيّة
شدّد البيانُ الوزاري على إجراء الانتخابات البلديّة والاختياريّة والنيابيّة في مواعيدها الدستوريّة، لكنّ رئيسَ الحكومة لم يُصدر بعد المراسيمَ التطبيقيّة الضروريّة قبل موعد الانتخابات النيابيّة المقرّرة في أيار 2026، وهو ما يُثير الشكوك حول نيّة سلام تأجيل الانتخابات ليضمن بقاءه في المنصب.

سابعًا: ترسيخ استقلال القضاء
طُرحت العديد من التساؤلات حول الضغوط التي مُورِست على القضاء والسياسيّين التي أدّت إلى تبرئة عملاء للاحتلال والإفراج عنهم، كان آخرهم محي الدين حسنة وهادي عوّاد خلال حكومة سلام، وذلك رغم تعهّد الحكومة ضمان مناعة القضاء "حيال التدخّلات والضغوط وقيامه بدوره بضمان الحقوق وصون الحريّات ومكافحة الجرائم".

ثامنًا: الحفاظ على حقوق المودعين
منحت الحكومة في بيانها الوزاري الأولويّةَ لملفّ الودائع من خلال تأكيدها على "وضع خطّة متكاملة وفق أفضل المعايير الدوليّة للحفاظ على حقوق المودعين"، لكنّها رغم ذلك سمحت بإطلاق سراح حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وهو أحد أهمّ المسؤولين الرئيسيين عن السياسات الماليّة التي أدّت إلى وقوع الانهيار المالي عام 2019 ومنعت اللبنانيّين من الوصول إلى أموالهم المحتجزة في المصارف.

تاسعًا: الحرص على الحريّات العامّة والحقوق الدستوريّة
أثار الأداءُ الحكومي العديد من التساؤلات حول مستقبل الحريّات العامّة والتعهّدات بصونها ومنع المساس بها، خاصّة بعد افتعال رئيس الحكومة أزمةً داخليّةً لمنع إضاءة صخرة الروشة بصورة السيّدين الشهيدين، ومن ثمّ مناقشة الحكومة قرار حلّ "الجمعيّة اللبنانيّة للفنون – رسالات". إضافةً إلى استدعاء الصحفيّ علي برو للمثول أمام مكتب جرائم المعلوماتيّة بدلًا من محكمة المطبوعات خلافًا للقانون.