هل يعطّل نواف سلام تعيين كريم سعيد حاكماً لمصرف لبنان؟

GnB_SvIXwAAk065.jpg 153.07 KB
تأجيل تعيين كريم سعيد حاكمًا لمصرف لبنان: هل يُسقطه نواف سلام؟

أشاع رئيس الحكومة نواف سلام، عبر مقربين منه، في اليومين الماضيين، أنه يرفض تعيين كريم سعيد حاكمًا لمصرف لبنان. 
وسعيد، كما بات معروفًا، هو المرشّح الرئيسي لحزب المصرف، بقيادة رئيس مجلس إدارة بنك سوسييتيه جنرال، أنطون صحناوي. كذلك فإنه المرشح الذي يتبناه ويصرّ عليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون.

في المقابل، ورغم القول إن سلام رافض لتعيين سعيد، إلا أنه لم يبذل جهدًا كافيًا لمنع هذا التعيين. وبعدما تبين أن رئيس الجمهورية لم يحظَ بدعم ثلثي أعضاء مجلس الوزراء (النسبة اللازمة للتعيين في وظائف الفئة الأولى)، تقرر سحب الاقتراح من جلسة مجلس الوزراء اليوم (27/3/2025)، للمزيد من التشاور. فبعد أيام من ارتفاع أسهم سعيد، تراجع عدد من الوزراء عن تأييد وصوله إلى الحاكمية، بسبب الضغط الإعلامي الناتج عن أفكار سعيد الذي يريد شطب أموال المودعين وتحميل المجتمع كلفة إعادة إحياء المصارف المفلسة. كذلك من غير المستبعد أن يكون عدد صغير من الوزراء قد عبّروا عن رفضهم لسعيد بسبب صلاتهم بلوبيات مصرفية منافسة لصحناوي. 

ماذا يستطيع سلام أن يفعل؟
حسابات سلام ليست حسابات أرقام. فهو ليس بحاجة إلى الثلث زائدًا واحدًا من أعضاء مجلس الوزراء لتعطيل التعيين. رئيس الحكومة يستطيع عدم إدراج أي بند على جدول أعمال مجلس الوزراء، فضلًا عن كونه قادرًا على تعطيل التعيين، حتى لو أصر رئيس الجمهورية على اقتراحه من خارج جدول الأعمال، من خلال منع جلسة مجلس الوزراء من الانعقاد (في الدستور، لا يمكن عقد جلسة لمجلس الوزراء بغياب رئيس الحكومة).
ولا يمكن لنواف سلام التذرّع بأي سبب لتمرير تعيين مرشّح (سعيد) سبق أن أعلن أنه يؤيد إعفاء المصارف من أي مسؤولية عن الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي الذي تسببت به في لبنان، وهو الانهيار الأسوأ عالميًا منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب البنك الدولي. 

واجبات سلام.. ومرشّحه
لا يمكن لرئيس الحكومة أن يعتبر أنه أدى قسطه للعلى بمجرد تعطيل ترشيح سعيد، علمًا بأن هذا "الإنجاز" يعود لعدد من الوزراء، لا لرئيس مجلس الوزراء. بل إن واجب سلام الأول هو القضاء على فكرة ترشيح سعيد. أما واجبه الثاني فهو السعي إلى اختيار مرشح صالح للحاكمية، لا يشبه سعيد ولا يشبه مرشّح رئيس الحكومة. 
فالمرشّح الذي يؤيده سلام لحاكمية مصرف لبنان، هو مدير صندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا، جهاد أزعور، الذي تولى وزارة المال بين العامين 2005 و2008، وهي الفترة التي شهدت تثبيتًا للعلاقة غير الطبيعية بين الدولة اللبنانية والمصارف بواسطة الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة. ولم تقم وزارة المالية في عهد أزعور بأي إجراء يُذكر لوضع حد للمسار الذي أدى إلى تراكم أسباب الانهيار.
ويرفض الرئيس جوزف عون تعيين أزعور لأنه كان مرشحًا منافسًا له لرئاسة الجمهورية.

التحدّي الأهم
المرجّح حاليًا أن يُسحب اقتراح تعيين سعيد. لكن التحدّي الجدي أمام عون وسلام ليس في تحسين علاقتهما التي ستهتز بسبب خلافهما على الحاكم المقبل للمصرف المركزي، بل إن التحدي يكمن في اختيارهما لشخصية إصلاحية حقيقية، غير متورطة في الفساد، وتراعي المصلحة اللبنانية في عملها لا مصلحة الولايات المتحدة الأميركية وسائر دول ومنظمات الوصاية، ولا تتبنى فكرة "إعادة إعمار" المصارف على حساب المجتمع الذي عانى من النهب الممنهج الذي مارسته المصارف نفسها. 

على الهامش:
في حال سقط ترشيح كريم سعيد، سيكون رئيس الجمهورية قد تلقى الضربة الأولى لعهده، قبل انقضاء أول ثلاثة أشهر منه. وهذه الضربة لم يوجهها له أحد سواه. ترشيح سعيد ينبغي أن يُطلق جرس إنذار يوقظ الواهمين بالإصلاح وبالتغيير، إذ ليس بهذا الصنف من المرشحين يكون الإنقاذ.

منشورات ذات صلة