السيّد.. طابَع ذاكرتنا

بقلم: كرم حميّة

تعتمـد الدول فى اختيار طوابعها البريديـة، منذ عـام 1839 حتى اليوم، على عدة عوامل تاريخية وثقافيـة وسياســية، وتنتقـي رمـوزًا مهمـة لتخليــدها والتـذكير بهـا، كالشخصـيات التاريخية والمعــالم البــارزة كــالقلاع والمنشـــآت والملاعـب، والأحــداث الهامــة كالمعـارك والثـورات، والمناســبات الوطنيـة والسياحية كاليوم الوطني والألعاب الأولمبية ويومي الأم والأب، وعناصر ثقافتها المحلية. 
تهــدف الــدول مــن اختيـار الطوابـع البريديـة إلـى توثيـق تاريخهـا بحفظ ذكرى الأحــداث والشخصـيات المهمـة، تعزيـز هويتهـا الوطنيـة بمـا يرسـخ الشعور بالانتمـاء لدى مواطنيهـا، والترويج لنفسها حـول العالم باعتبار ورقة الطابع أداة تعريف للدولة نفسها،
بـدأ إصـدار طوابع باسـم لبنـان عـام 1937 أثناء فترة الانتداب، لكن أولى الطوابع اللبنانية بعد الاســتقلال صـدرت عـام 1944 فى عهـد بشـارة الخـوري الذي أصـدر عشـرة طوابع تذكارية، وتتالى إصــدار عشـرات الطوابـع التذكاريـة التى أرّخـت لأبــرز الشخصــيات والمراحـل التي مر بهـا البلد، وصولًا إلى الفترة الاخيرة التي شهدنا فيها لفتات تكريمية غير مسـتحقة، كإصدار طوابع باسم مؤرخ قليل الأمانة ورجـل أعمال متهم بالاحتيال، ومصـمم أزياء.. ورياض سـلامة، وهــاني فحـص وغيرهـمــا.. وفـي لبنــان طوابــع عاديـة وتذكاريــة، عادية تصــدر عــن وزيــر الاتصـالات باقتراح مـن لجنـة في المديرية العامـة للبريد، وتذكاريـة تصـدر عـن مجلس الوزراء نظــرًا لأهميتهـا السياسـية، كـالطوابع التـي تحمـل صـور رؤســاء جمهوريــة كمـا جــرت العــادة بحســـب العــرف. (باســـتثناء الــرئيس ســـليمان فرنجية الذي لم يصدر في عهده طابع تذكاري باسمه، وطُبع مؤخرًا طابع عادي باسمه استدراكاً).

ينظـر البعض إلـى الطـــابع البريـدي باســتخفاف ويعتبـره مجــرد قصاصـات ورقيـة ملونـة مختلفـة الرسـوم بينمـا هــي فـي الواقـع أوراق ذات دلالات رمزيـة تتعـدى بعـدها الـوظيفي، ولهـا قيمتهـا التاريخيـة والفنيـة وتشـكل جـزءًا مـن تاريخ الأمم.
وحيث أن المقاومـة ثشـكل الجزء الأكبر من هوية وتـاريخ الوطن خـلال الربع قـرن الماضـي علـى الأقل فإنه من الطبيعـي أن يـتم تخليـد أحداثها وشخصـــياتها لا سـيما سـماحة السـيد الشـهيد بطوابع تذكارية، علمًا أنه لم يتم إصـدار طوابع سـابقة فـي مناسبات مفصـلية كتحرير عـام 2000 وانتصـار عـام 2006 بسـبب عـداء الخصـوم وربمـا بسبب استخفاف من جانب المقاومة.

لذا، في العهد الذي يتبنى شعار العبور إلى الدولة، بات من الضروري للشريحة التي تمثل نصف شعب هذه الدولة على الأقل أن تنال الانصاف الذي حُرمت من بعضه وتنازلت عن بعضه الآخر، من التمثيل السياسي والإنماء المتوازن وصولاً إلى ورقة الطابع البريدي، وأي تفريطٍ بأي حق مهما بدا صغيراً هو خيانةٌ لهذه الشريحة ولمن قضوا منها.