باحثون لبنانيّون: السيادة لا تعلن بتصويت في مجلس الوزراء .. إعادة البناء الوطني أولا

أعدّ كل من جوزيف ضاهر وسامي زغيب وسامي عطاالله ورقة بحثيّة تحت عنوان "الصّراع على سيادة لبنان يتجاوز مسألة السّلاح فقط"، ضمن مبادرة سياسات الغد بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت (FES). المطالعة ناقشت إقرار مجلس الوزراء في مطلع آب 2025 الورقة الأميركية المعروفة بورقة برّاك. وخلصت الورقة البحثية إلى أن السيادة الحقّة "لا تُعلَن عبر تصويت في مجلس الوزراء أو ببيانات المانحين، بل تُبنى سياسيًّا، وماليًّا، ومؤسّسيًّا".

ومما جاء في هذه الورقة:

* دولةٌ هشّة، أنهكتها الحروب والتدخّلات الخارجيّة والشلل السياسيّ، تحاول أن تدّعي السيادة بمرسومٍ إداريّ. 

* يفتقر لبنان إلى العناصر السيادية مثل احتكار الدولة لاستخدام القوة واستقلالها في الشؤون الخارجية، ما يجعل السلطة القسريّة الفاقدة المصداقيّة المؤسَّسيّة، عاجزة عن السيطرة على الأراضي أو كسب الولاء؛ وبالتالي يبرز عدم تمكّن جيش من أن يدافع عن دولة غير قادرة على الحكم.

* في حالة لبنان، لا يقتصر السؤال على مَن يحمل السلاح، إنّما ينسحب ليستشفّ ما إذا كانت الدولة تُعَدّ شرعيّة وقادرة وشاملة.

* المقاربة الأمنيّة الراهنة، القائمة على أولويّة القوّة العسكريّة، معيبة في جوهرها، إذ لا يمكن للبنان أن يعيد بناء سيادته من فوق، من خلال توحيد السلاح فقط.

* ينبغي للسيادة أن تُرسَّخ على أسس الشرعيّة السياسيّة، والاستقلال الماليّ، والقدرة المؤسّساتيّة ويبدأ ذلك من مواجهة حقيقة موقع لبنان الحاضر: دولة محاصَرة على عدّة جبهات، عسكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، بحيث لا يمكن فصل مسارها نحو السيادة عن التهديدات التي تطوّقها والوسائل التي تمتلكها.

* النقاش حول السيادة لا يقتصر على وضع سلاح حزب الله، إنّما يتمحور حول مدى قدرة الدولة اللبنانيّة على اتّخاذ قرارات مستقلّة في وجه لاعبين محلِّيّين نافذين وشروط خارجيّة. 

* يقف الجيش اللبنانيّ في صميم المعضلة الأمنيّة. فالمطلوب منه تأمين الجنوب، وحراسة الحدود السوريّة، وتولّي دور الردع الذي يضطلع به حزب الله؛ إلّا أنّ واقع موارده يجعل هذه المهمّة غير واقعيّة. 

* الميزانيّة الدفاعيّة لعام ٢٠٢٥ تبلغ ٨٠٠ مليون دولار، يذهب ٦٧ في المئة منها لتسديد الرواتب بينما تنفق "إسرائيل" أكثر من 5 مليارات دولار سنويًّا على البحث والتطوير العسكري فقط. وينفق لبنان نحو ١٠,٦٠٠ دولار سنويًّا على كلّ جنديّ، بينما تنفق إسرائيل ٢٧٣,٥٦٠ دولارًا. 

* يعتمد الجيش اللبنانيّ بشكلٍ شبه كامل على المانحين الأجانب لتأمين الوقود والمعدّات واللوجستيّات، ممّا يحدّ من استقلاليّته العمليّة، ويقوّض صدقيّته الإستراتيجيّة، ويجعل المؤسّسة عرضةً للضغط السياسيّ. 

* الحياد يستحيل بلا معنًى في ظلّ عدم توافر الموارد والشرعيّة الضروريّة لتطبيقه. 

* في لبنان، لا وجود لوسائل ماليّة كافية، ولا لشرعيّة وطنية متماسكة، تجعل الحيادَ سياسةً موثوقة من دون إصلاح سياسيّ ومؤسَّسيّ عميق.

* تقتضي استعادة الشرعيّة تفكيكَ نظام المحاصصة الطائفيّة واستبداله بإطارٍ علمانيّ نسبيّ يتيح تمثيلًا عابرًا للطوائف والطبقات. 

* لا بدّ من استعادة السيادة الماليّة عبر نظامٍ ضريبيّ تصاعديّ، وتقليص الارتهان للتمويل الخارجيّ. وإعادة توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجيّة والمناطق المهمّشة تاريخيًّا. 

* ينبغي أن تستعيد الدولة دورها بوصفها مقدّمًا أساسيًّا للخدمات العامّة.

* لا يمثّل توحيد القوّة العسكريّة نقطة انطلاق في طريق السيادة، بل المحطّة النهائيّة لعمليّة أوسع من إعادة البناء الوطنيّ.

منشورات ذات صلة