19 عاماً على النصر الإلهي
المقاومة الإسلامية في لبنان: أربعة عقود من المواجهة وبناء معادلات الردعمنذ اجتياح لبنان عام 1982، تحوّلت المقاومة الإسلامية في لبنان إلى أحد أبرز الفاعلين العسكريين والسياسيين في المنطقة، عبر سلسلة من المواجهات والمعارك التي أسست لمعادلة ردع متبادلة مع العدو الإسرائيلي، وغيّرت موازين القوى في الميدان.
الاجتياح الإسرائيلي للبنان – 1982
في السادس من حزيران 1982، شنّ العدو الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق عُرفت باسم “سلامة الجليل”، بهدف القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية والوصول إلى بيروت. ومع بداية الاحتلال الإسرائيلي للجنوب والعاصمة، كانت المقاومة الإسلامية في طور التأسيس، لتبدأ أولى عملياتها ضد الاحتلال في أواخر العام نفسه، واضعة حجر الأساس لمسار طويل من المواجهة.
حرب تموز 1993 – عملية تصفية الحساب
في تموز 1993، أطلقت "إسرائيل" حملة قصف عنيف على لبنان تحت اسم “تصفية الحساب”، في محاولة لوقف عمليات حزب الله ضد قواتها في الجنوب. ردّ الحزب بإطلاق مئات صواريخ الكاتيوشا على الجليل، في خطوة قلبت موازين الضغط. انتهت الجولة بوقف إطلاق نار غير مكتوب، رسّخ مبدأ تحييد المدنيين، ومهّد لاحقاً لاتفاق نيسان 1996.
حرب نيسان 1996 – عناقيد الغضب
في نيسان 1996، كررت إسرائيل محاولة إخضاع المقاومة من خلال عملية “عناقيد الغضب”. غير أن الرد الصاروخي المكثف لحزب الله على العمق الإسرائيلي أجبر تل أبيب على القبول بـ اتفاق نيسان، الذي اعترف، ولو ضمناً، بحق المقاومة في استهداف قوات الاحتلال داخل الأراضي اللبنانية المحتلة، مقابل عدم المس بالمدنيين.
التحرير – أيار 2000
في 25 أيار 2000، شهد لبنان حدثاً مفصلياً بانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من الجنوب، باستثناء مزارع شبعا، تحت ضغط العمليات المستمرة للمقاومة. مثّل هذا الانسحاب أول انتصار عربي يحرر أرضاً بالقوة العسكرية المباشرة دون الدخول في أي اتفاق سلام، وأعاد رسم المشهد الاستراتيجي في المنطقة.
حرب تموز 2006
في 12 تموز 2006، نفذ حزب الله عملية أسر جنديين إسرائيليين، فردت إسرائيل بحرب شاملة استمرت حتى 14 آب. ردّت المقاومة بقصف صاروخي طال عمقاً إسرائيلياً غير مسبوق، من حيفا إلى ما بعد، مما أجبر تل أبيب على القبول بوقف إطلاق النار بموجب القرار 1701. كرّست هذه الحرب معادلة ردع متينة، وأثبتت أن الحزب قادر على مواجهة الجيش الإسرائيلي في حرب مفتوحة.
الدخول إلى سوريا – 2012 وما بعده
مع اندلاع الحرب السورية عام 2011 وتزايد خطر الجماعات الارهابية المسلحة على الحدود اللبنانية، أعلن حزب الله عام 2013 تدخله العسكري المباشر في سوريا مساندة لجيش السوري في وجه التكفيريين.
• شارك الحزب في معارك استراتيجية مثل القصير، القلمون، وريف حلب.
• الهدف المعلن كان حماية لبنان من امتداد الفوضى والارهاب ، وتأمين خط إمداد المقاومة.
• هذا التدخل منح الحزب خبرة عسكرية ميدانية واسعة، وطور قدراته في القتال الهجومي وحرب المدن، ما انعكس على معادلة الردع مع إسرائيل.
تحرير الجرود – 2017
في صيف 2017، أطلق حزب الله والجيش اللبناني عملية مشتركة ضد تنظيم جبهة النصرة وداعش في جرود عرسال والقلمون الغربي.
• المعارك أدت إلى طرد الجماعات المسلحة من الحدود الشرقية مع سوريا.
• العملية أنهت عملياً أي وجود مسلح معادٍ على طول الحدود البرية الشرقية، ورسخت الأمن الداخلي.
• التحرير مثّل انتصاراً مزدوجاً: أمنياً عبر إنهاء التهديد الإرهابي، واستراتيجياً عبر تعزيز خطوط الدفاع عن لبنان.
⸻
معارك الردع المحدودة بعد 2006
منذ حرب تموز، انتقلت المواجهة إلى جولات محدودة لكنها شديدة الدلالة، أبرزها:
- 2015: عملية في مزارع شبعا ردّاً على اغتيال قادة من حزب الله والحرس الثوري في القنيطرة السورية.
- 2019: عملية “أفيفيم” التي استهدفت آلية إسرائيلية رداً على غارة قرب دمشق.
- 2021–2022: تبادل قصف صاروخي في الجنوب بعد استهداف مناطق لبنانية.
- 2023–2024: الاسناد
بدأت عندما استهدف حزب الله موقع الجيش الاسرائيلي في مزارع شبعا داخل الاراضي اللبنانية لتتوسع من بعدها المواجهات والاشتباكات على الحدود خلال حرب غزة، شملت قصف مستوطنات الجليل والمواقع العسكرية الإسرائيلية، والعمق الاسرائيلي .
على امتداد أكثر من أربعة عقود، لم تكن معارك المقاومة الإسلامية في لبنان مجرد مواجهات عسكرية عابرة، بل محطات مفصلية شكّلت معادلات سياسية وأمنية جديدة، وأثبتت أن قوة الردع لا تقوم فقط على السلاح، بل على إرادة المواجهة واستثمار كل جولة في تثبيت مكاسب استراتيجية.