سلام وجعجع: انقلاب إداري ضد التيار والمستقبل

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أصدر مجلس الوزراء في 6 آب 2025 قرارًا بإعفاء مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، جان جبران، ووضعه بتصرّف وزير الطاقة. ورغم أن الحكومة حاولت تبرير القرار بـ”تصحيح المسار” و”إعادة هيكلة المؤسسة”، إلا أن الوقائع والتوقيت يشيان بأن ما جرى ليس إصلاحًا، بل تصفية حسابات سياسية مغطاة بعبارات منمّقة.

جان جبران، المعروف بانتمائه إلى التيار الوطني الحر، يشغل موقعًا إداريًا حساسًا في واحدة من أكبر المؤسسات العامة في البلاد. قرار إبعاده في الجلسة ما قبل الأخيرة للحكومة، وقبيل أسابيع من انتهاء ولايته، يطرح علامات استفهام حول السبب الحقيقي وراء هذه العجلة. فلو كان الهدف إصلاح المؤسسة أو معالجة ملفات الفساد كما تدّعي الحكومة، لكانت هذه الخطوة قد اتخذت منذ وقت طويل، لا في اللحظة التي تسبق تبدّل المشهد السياسي.

الأسباب التي ساقها البعض، مثل الحديث عن “صفقات مشبوهة” أو “سوء إدارة” أو “غياب خطة لترشيد استهلاك المياه”، تبقى في نظر كثيرين أقرب إلى ذرائع إعلامية من كونها حقائق مثبتة. والأدهى أن هذه الاتهامات لم تُثبت عبر تقارير قضائية أو رقابية علنية، ما يجعلها أقرب إلى أدوات سياسية لتبرير إقصاء شخصيات غير مرغوبة.

القرار يتناغم مع نهج واضح بدأ يتكرر: إبعاد كل من ينتمي إلى التيار الوطني الحر وتيار المستقبل عن مواقع القرار في مؤسسات الدولة، واستبدالهم بوجوه تدين بالولاء لقوى سياسية أخرى. ويتعاون رئيس الحكومة مع القوات اللبنانية في هذا "الانقلاب الإداري" تحت إشراف سعودي.

إنها سياسة “إعادة التموضع” في الإدارة العامة، حيث يُستبدل معيار الكفاءة والخبرة بمعيار الانتماء السياسي، ما يهدد بظهور سلطة استبدادية. ويجري تداول معلومات بأن حملة "الاجتثاث" ستتواصل ومنها في قطاع الكهرباء. وسبق ذلك اتهام التيار الوطني الحر خصومه بالكيد السياسي لتحويل مدير عام كازينو لبنان إلى التحقيق.

وهكذا، يسقط شعار “الإصلاح” أمام أول اختبار جدي، ويتحوّل إلى غطاء لإقصاء الخصوم وتكريس الانقسام. وفيما تتخبط القوات اللبنانية في الوزارات التي نالتها ويغامر نواف سلام بتفجير البلد بقرارت نزع السلاح، يتشارك الطرفان تدابير الأنظمة الرجعية في الاقتصاص من المنافسين بطرق ملتوية والسعي للتسلط السياسي بغطاء خارجي.

منشورات ذات صلة