عجائب قانون الانتخاب.. التمثيل على اللبنانيين بدل تمثيلهم

إعداد: كرم حميّة

ترك الحديث عن عهد الاصلاحات انطباعاً بأنّ العهد الجديد سيُصلح الخلل في قانون الانتخاب كمقدّمة طبيعيّة لأيّ إصلاح سياسي، لكن الوقائع تجري بعكس الطموحات، ويجري العمل على تحويله إلى أداة لتحجيم الفئة الأكثر تمثيلاً. مع العلم أنّ رئيس الحكومة نواف سلام كتب الكثير عن إصلاح القوانين الانتخابية قبل دخوله السراي الحكومي.

- خالف القانون الحالي اتفاق الطائف الذي ينص في الفقرة الرابعة من البند "أ" على اعتماد المحافظة كدائرة انتخابية، ويؤكّد على صحّة التمثيل وفعاليّته في الفقرة "ج" من بند الاصلاحات السياسيّة. (يقرن نصّ اتفاق الطائف اعتماد المحافظة كدائرة بإعادة النظر بالتقسيم الإداري، ودون أن يحسم مسألة الأسلوب المعتمد على أساس المحافظة، بين نسبي أو أكثري).

- أخل القانون الحالي بمبدأ "المساواة" وهو أحد المعايير الخمسة التي يجب أن تتوافر في قانون الانتخاب وهي النزاهة والمساواة والسرّية والدورية والعموميّة. وتنصّ المادّة 7 من الدستور على أن اللبنانيين متساوون بالحقوق المدنية والسياسية والفرائض والواجبات العامة، باعتبار أنّ المساواة حق دستوري.

- أبقى القانون الحالي سنّ الاقتراع 21 سنة رغم المطالبة الواسعة المحقة والتحوّل العالمي الكبير نحو اعتبار سن ال18 هامًّا لإشراك الشرائح الشابة، وذلك مراعاةً لهواجس المسيحيين. (اعتماد سن 21 سنة هو بموجب المادة 21 من الدستور، وتعديل سن الاقتراع يحتاج إلى تعديل دستوري).

- تنصّ المساواة على أن يكون لكل صوت قيمة متساوية مع أصوات غيره من المواطنين وهذا ما لا ينطبق على القانون الحالي الذي قسّم البلد الى 15 دائرة انتخابية غير متساوية في عدد النواب وفي عدد الناخبين، ليس على أسس علمية، جغرافية او ديمغرافية بل على قياسات طائفية وفئوية.

- مثلًا، يبلغ عدد المقاعد في دائرة بيروت الأولى (الاشرفية، الرميل) 8 مقاعد وعدد ناخبيها 134 ألفاً، فيما يبلغ عدد المقاعد في دائرة الجنوب الثالثة (النبطية- بنت- جبيل-مرجعيون) 11 مقعداً وعدد الناخبين 460 الفاً (بحسب أرقام الدولية للمعلومات لانتخابات العام 2022 فإنّ عدد الناخبين في الجنوب الثالثة هو 497,531)، اي مقعد واحد لكل 16 الف صوت في بيروت الاولى، ومقعد واحد لكل 41 الف صوت في الجنوب الثالثة!!

- أعطى القانون الانتخاب حجماً أكبر بكثير من الواقع لبعض القوى المسيحية. بحسبة بسيطة مثلاً، نلاحظ أن عدد المقاعد التي حصل عليها "الحزب" قليل جداً مقارنة مع عدد أصواته التفضيلية (340 الف صوت، وبحسب الدولية للمعلومات في انتخابات 2022 حصل حزب الله وحلفاؤه على لوائحه على  367,000 صوتا)، فيما عدد مقاعد ميليشيا القوات اللبنانية، مثلاً،  أكبر من عدد مقاعد "الحزب" رغم أن عدد أصواتها أقل بكثير.

- يمكن في المجلس الحالي أن تجد نائبــ/ـة كـ"بولا يعقوبيان" في البرلمان بـ3425 صوتاً(حسب الدولية للمعلومات لأرقام انتخابات 2022 حصدت بولا 3,524 صوتًا)، إلى جانب النائبة د. عناية عزالدين في الجنوب الحائزة على 15266 صوتاً أي خمسة أضعاف، وتجد "سينتيا زرازيري" الحاصلة على 486 صوتاً فقط تُنادي رئيس المجلس النيابي ممثل الـ40 ألف صوت بـ"الزميل".!! وقس على ذلك من اختلالات واضحة تُثبت سوء القانون الانتخابي الذي تتمسك به بعض القوى المسيحية.

- رغم هذا الخلل الفاضح يجد بطرك الموارنة بشارة الراعي بأنّ لديه ترف المطالبة بتعديل القانون الحالي، ليس لتحقيق المساوة المفقودة بل لمزيدٍ من الاجحاف بحق فئةٍ لصالح أخرى تحت ذريعة المطالبة بحقوق المسيحيين.

- أليس من الاجدى المطالبة بإقرار قانون انتخاب نسبي خارج القيد الطائفي على أساس دائرة واحدة يتساوى فيها اللبنانيون جميعاً فينتجون مجلساً نيابياً يمثل الجميع بحسب احجامهم الحقيقية ويحققون حلمهم بوطن عادل يتساوى فيه جميع أبنائه؟

منشورات ذات صلة