نظرة على رؤية كيان العدوّ حول استغلال الأقليات في بلاد الشام

تبنى وزير الخارجية موشيه شاريت  موقف حذرا تجاه دعم الدروز السوريين وهو ما تبنته الحكومة الإسرائيلية. فقد فضّل بن غوريون وبنحاس لافون وموشيه ديان في ذلك الوقت التركيز على تشجيع الطموحات الانفصالية للموارنة في لبنان.

٠ في المقابل تبنى كل من  العقيد بنيامين جيبلي، رئيس الاستخبارات العسكرية، ويهوشواع فلامون، المسؤول في وزارة الخارجية في لندن موقفا مؤيدا لاستغلال الأحداث الجارية في سوريا بهدف العمل على فصل الجزء الجنوبي منها، حيث يشكل الدروز والشركس غالبية سكانية. بيد أن فلامون نفسه، كما يورد أرليخ، أعرب عن تخوفه من أن نجاح الإجراءات القمعية التي كان يمارسها الشيشكلي ضد الدروز سيؤدي إلى ذوبانهم، وبالتالي تعزيز أفول نفوذ المسيحيين في لبنان. واعتبر فلامون أن هذا السيناريو غير مرغوب فيه لإسرائيل، حتى مع إقراره بأن الأقليات لم تقدم لها نفعاً حتى ذلك الوقت.

ويوضح إرليخ أن قمع انتفاضة جبل الدروز كان له تداعيات بعيدة المدى على موازين القوى بين الحكومة السورية والأقليات، مستشهداً بمقال لموشيه ماعوز يصف هذه الحادثة بأنها المرة الأولى التي تحقق فيها حكومة دمشق تفوقاً عسكرياً حاسماً على قوى تسعى للانفصال، مما أنهى نزعتها الانفصالية وحكمها الذاتي السياسي، ودفع أبناء الأقليات الجبلية للمشاركة بشكل أكبر في الحياة السياسية السورية.

ويستنتج إرليخ أن هذا التحول في موازين القوى الداخلية في سوريا، بالتوازي مع ضعف الموارنة في لبنان، جعل نظرية "حلف الأقليات" تبدو لإسرائيل في الخمسينات أقل جاذبية في مواجهة التحديات الإقليمية، وعلى رأسها صعود مصر والناصرية. 

بناءً على ما أورده أرليخ، فقد تراجعت نظرية حلف الأقليات في الخمسينات، حيث استبعدها شاريت تماماً، بينما فضل عليها بن غوريون حلف الأطراف الذي بدا له أكثر عملية وذا مزايا أكبر في مواجهة مصر الناصرية.

ومع ذلك، يختتم أرليخ بالإشارة إلى أن التعاطف الأساسي مع الطموحات الانفصالية للأقليات في الشرق الأوسط والرغبة في استخدام صراعاتهم كأداة لإثارة الاضطرابات داخل الأنظمة المعادية لإسرائيل بقي قائماً في الفكر السياسي الإسرائيلي. وقد عادت هذه الطموحات للظهور في العقود اللاحقة، كما تجلى في أفكار يغآل ألون حول إقامة دولة درزية في جنوب سوريا وفي المساعدة الإسرائيلية للأكراد في العراق والموارنة في لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وهي التجارب التي انتهت بخيبة أمل لإسرائيل وعلمتها دروساً قاسية حول الاعتماد على الأقليات في المنطقة.

منشورات ذات صلة