"الأخبار" تواجه الوصاية.. لا سلطة لكم

GruHjCVWkAAhUXe.jpg 143.02 KB

دون مقدّمات، أصدر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية في 11 أيار 2025، أي قبيل زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى الكويت، تحذيرًا لوسائل الإعلام في لبنان، بعدم التعرض إلى الدول الصديقة (أي دول خليج حصرًا)، وجاء فيه: الرئاسة تهيب بوسائل الإعلام عدم التطاول على أي جهة خارجية صديقة للبنان. حرية التعبير مقدسة لكن هذه الحرية لها مقتضيات ثابتة، أولها الحقيقة، وثانيها الانتظام العام في مجتمع ديمقراطي".

"الأخبار" هي الهـ.ـدف

كانت صحيفة "الأخبار"، التي كشفت في مقال لرئيس تحريرها إبراهيم الأمين في 12 أيار 2025 عن تعرّضها لضغوط كبيرة وحملة عنيفة منذ فترة بعيدة، فضلًا عن إشارة إلى مناقشات جرت مع الأميركيين والسعوديين والإماراتيين وبعض الجهات اللبنانية، بشأن إيجاد الآلية المناسبة لإسكات "الأخبار" خلال الـ.ـعـ.ـدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان الذي بدأ في أيلول 2024. 

ماذا يجري الآن؟ 

نشهد منذ بيان الرئاسة حملة علنيّة هذه المرّة ضد "الأخبار"، يتولّاها من يفترض بهم أن يكونوا في صدارة المدافعين عن "حرية الرأي"، لكونهم "صحافيين وإعلاميين".

كيف ومن؟ 

- في 15 أيار 2025، تقدّم "الإعلامي" جو معلوف - المشهور بأسلوبه الاستعراضي بدعوى قضائية لدى النيابة العامة التمييزية ضد صحيفة "الأخبار"، بتهمة "الإساءة المتعمدة إلى علاقات لبنان مع دول الخليج العربي، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية". كما خصص منبره الإعلامي على شاشة "أم تي في" في 16 أيار 2025 للهجوم على الصحيفة.

- في 17 أيار 2025 نشرت صحيفة "نداء الوطن"، مقالا تحريضيًا ضد "الأخبار" سلّطت فيه الضوء على دعوى معلوف، وتساءلت: "هل يجرؤ النائب العام التمييزي على اتخاذ إجراءات سيادية... أي مصادرة أعداد الجريدة، وتوقيف المسؤولين عن النشر، والتحقيق في مصادر تمويل الصحيفة...".

- رولا حدّاد، حاولت في برنامجها "حوار المرحلة" على "أل بي سي" تحريض الضيوف للحصول على تصريح يدين صحيفة "الأخبار". في 15 أيّار 2025 سعت جاهدة لتوريط نائب رئيس الحكومة طارق متري في موقف يدين "الأخبار" ويدعو إلى معاقبتها، لكن الرجل أصرّ على أنه "مع حريّة الصحافة".
وواصلت محاولاتها مع وزير الخارجية يوسف رجّي في 21 أيار 2025، الذي رغم موقفه السياسي المناقض، أكد حرصه "على الحريات العامة والصحافية".

ما هي الخطورة؟

- النيابة العام ليست مرجعًا لمحاكمة الاعلام: بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 104/77 (قانون المطبوعات اللبناني)، فإن محاكمة الصحافيين ووسائل الإعلام تتم أمام محكمة المطبوعات حصرًا. 

- أخطر ما في هذه الحملة أنها تأتي من "إعلاميين وصحافيين"، يُفترض أنهم الأشدّ حرصًا على الحريات، ويدعون "الدفاع عن حرية التعبير".

- هل يدخل ضمن قانون عدم التهـجـ.ـم على "الدول الصديقة" منع التهـجـ.ـم على ايران مثلًا؟

- من يضمن أن تقف الحملة ضد الإعلام عند حدود الدفاع عن مصالح الدول الخليجية؟ ومن يضمن عدم تطورها لاحقًا لتشمل محاذير مستجدة مثل منع مناصرة المقــاومة أو الكتابة عن الاعتـ.ـداءات الإسرائيلية على لبنان؟

ما هي أهداف الهجوم على "الأخبار"؟

- ترهيـ.ـب أي صوت يجاهر بانتقاد سلطات الوصاية، أو دول الوصاية الأميركية - السعودية، أو إعلام الوصاية. 

- محاولة تكريس أمر واقع بعد الحر ب، يحظر كل قلم مساند للمقــاومة. 

- تنصيب أدنى موظف في سفارة أجنبية من دول الوصاية، متحكمًا في شؤون لبنان، ووصيًا على إعلامه. 

- استنساخ تجربة الإعلام السعودي لبنانيًا، والذي يعمل وفق سياسة "طويل العمر" وتمجيد "أمير البلاد". 

حرية الإعلام ليست ترخيصًا سياسيًا تمنحه السفارات، بل حق يُنتزع بالدفاع عن الاستقلال والحرية والعدالة.

منشورات ذات صلة