الخبير الدستوري جهاد إسماعيل حول مشروع قانون الانتخاب المُحال إلى المجلس النيابي: لرئيس المجلس سلطة استنسابية

بعدما ثبت أن رئيس الجمهورية وقّع يوم الاثنين 17-11-2025، مرسوم إحالة مشروع قانون الانتخاب المعدّل إلى مجلس النواب، الذي يرمي إلى تعليق بعض مواد قانون الانتخاب بصيغة المعجّل فقط، يُثار التساؤل الدستوري: ما أثر هذه الإحالة بهذه الصيغة؟

يشير الكاتب والأستاذ الجامعي المتخصّص في القانون الدستوري الدكتور جهاد إسماعيل، في حديثٍ لمنصة "بيروت ريفيو"، إلى أنه "يُستشفّ من المادة 106 من النظام الداخلي لمجلس النواب بأن سلطة رئيس المجلس، إثر هذه الإحالة، مقيّدة في إحالة المشروع إلى اللجنة المختصة بمفروض عبارة: "يحيل رئيس المجلس المشروع المعجّل فور وروده على اللجنة أو اللجان المختصة"، عندئذٍ يتوجّب على اللجنة وضع تقرير بشأنه خلال مهلة أقصاها خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ طرح المشروع على المجلس، على اعتبار أن السلطة المقيّدة تكون، وفق قرار مجلس شورى الدولة رقم 76/2005، عندما يُلزم الإدارة تجاه وقائع معيّنة وفي حال توافر شروط معيّنة بالتصرف على نحو معيّن، وهذا ما نجده في نص المادة 106".

وأوضح إسماعيل أنّه "يُستفاد من المادة 38 من النظام الداخلي التي تنص على أنّ صلاحية رئيس المجلس، بعد إنهاء دراسة المشروع في اللجنة المختصة، استنسابية بمفروض عبارة: "وفي نهاية المدة يطرح رئيس المجلس المشروع على اللجان المشتركة أو على المجلس..". ذلك أن السلطة الاستنسابية، وفق قرار مجلس شورى الدولة رقم 417/1961، تنشأ إما عن نص صريح يُولي السلطة هذه الصلاحية، وإما عن انتفاء القواعد التي تحدّ من سلطتها التقديرية في ممارسة العمل الإداري"، أو تلك الحرية في التقرير بين الخيار بين هذا القرار أو ذاك، بحسب قرار مجلس شورى الدولة رقم 245/2001، وهذا ما نلاحظه في المادة 38، التي منحت الخيار بين قرارين، وذلك لصراحة النص الذي يولي رئيس المجلس الخيار، وكذلك في انتفاء النص الذي يُلزم رئيس المجلس بانتهاج سلوك معيّن دون سواه".

ويضيف إسماعيل: "بعد الانتهاء من دراسة المشروع في اللجان النيابية، المتخصصة والمشتركة، فور إحالته إليها، فإن النص لم يضع مهلة مقيّدة في تاريخ إدراج المشروع المعجّل على جدول الأعمال، كما كان الحال في النظام الداخلي الصادر عام 1991، قبل أن يسقط هذا الإلزام في التعديل الصادر عام 1994. لكن، نظراً إلى أن المشروع يتسم بصفة العجلة، فيجب إدراجه في مهلة معقولة على جدول أعمال الجلسة، حيث يتم استلهامها من وقائع وظروف القضية تطبيقاً لمبدأ حظر تفسير غياب النص الذي يحدد مهلة التنفيذ كحرية كاملة للإدارة لاختيار الوقت المناسب للوفاء بالالتزام الواقع عليها (قرار مجلس شورى الدولة رقم 213/2006)، مما يعني أن موارد التقييد في هذه الحالة تُرسم بحدود الوقائع والظروف، وكذلك في مراعاة الحق الدستوري الذي تمارسه الحكومة سنداً للمادتين 18 و58 من الدستور".

يتابع إسماعيل: "عند مناقشة المشروع في الهيئة العامة، يستطيع المجلس إقراره أو رفضه أو تعديله من دون التعرّض لصفة العجلة وفق الفقرة الثانية من المادة 105 من النظام الداخلي للمجلس النيابي، وهذا الحظر، أي منع التعرّض لصفة العجلة، يمنع التأخير في مناقشة المشروع المعجّل الذي يجد أساسه، أصلاً، في المادة 58 من الدستور، بالإضافة إلى أن العلّامة "أوجين بيار" قال بوجوب متابعة مشاريع القوانين المُحالة من الحكومة، وإلا عُدّ تجاهلها مخالفة للدستور".

لكن، بحسب إسماعيل، إن صيغة المشروع لم ترتكز، في البناءات أو الإسنادات، على المادة 58 من الدستور، وجاءت الصياغة في مادة وحيدة، وهو دليل يؤكد بأن الحكومة كانت عازمة على إقرار مشروع معجّل مكرّر، وليس بصيغة "المعجّل"، الأمر الذي يقودنا إلى التساؤل حول ما إذا كان مجلس الوزراء قد وافق فعلاً على صفة العجلة سنداً للمادة 58 من الدستور، أم أن التبديل قد جاء في جلسة لاحقة، أو بمنأى عن جلسة مجلس الوزراء خلافاً للدستور؟!"

منشورات ذات صلة