الولايات المتحدة تتنصّل من اتفاق وقف الحرب.. برّاك يهدّد لبنان

أطلق المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم برّاك، جملة من المواقف حول لبنان والمنطقة، قرأها مطّلعون على أنها تمثل جزءًا من الضغوط الأخيرة على لبنان، لجرّه نحو التطبيع مع العدو الإسرائيلي، من بوابة التفاوض المباشر، وعبر التهديد تارة، والترغيب بمكتسبات وهمية تارة أخرى.

برّاك كشف في مقال تحت عنوان "سوريا ولبنان: الخطوة التالية نحو سلام شامل في الشرق الأوسط"، نشره الاثنين 20 تشرين الأول على حسابه على منصة "إكس"، أن "الولايات المتحدة طرحت خطة محاولة أخيرة لنزع سلاح حزب الله تدريجيًا مقابل حوافز اقتصادية، لكن الحكومة اللبنانية رفضتها بسبب نفوذ الحزب داخل مجلس الوزراء" حسب تعبيره، وقال إن "الفرصة الآن أمام لبنان من أجل نزع سلاح حزب الله، والدخول في مسار السلام" وأن "الفرصة لا تزال قائمة... إذا استعادت الدولة احتكار القوة عبر الجيش اللبناني، فإن الشركاء الإقليميين مستعدون للاستثمار".

وادّعى برّاك أنه "بينما تستقر دمشق، يبقى لبنان رهينة لهيمنة ميليشيا حزب الله، التي تعرقل السيادة وتمنع الاستثمار وتثير القلق الإسرائيلي"، حسب تعبيره.

وفي تنصّل واضح من اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية، نسب برّاك رعاية الاتفاق الى إدارة بايدن، وقال إن "اتفاق وقف التصعيد الذي أبرم في نوفمبر 2024، والذي رعته إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، فشل في تحقيق السلام بسبب غياب آلية تنفيذ حقيقية، واستمرار التمويل الإيراني لحزب الله، وانقسام الحكومة اللبنانية"، على حد تعبيره، 

وقال إن "نزع سلاح حزب الله ليس فقط ضرورة أمنية لإسرائيل، بل فرصة للبنان لاستعادة سيادته وتحقيق انتعاش اقتصادي"، مدّعيًا أن واشنطن "خصصت هذا الشهر أكثر من 200 مليون دولار لدعم الجيش اللبناني، وعرضت تغطية دبلوماسية لتحول حزب الله إلى كيان سياسي سلمي"، لكن "هذه المبادرات توقفت، بينما تتسارع باقي دول المنطقة نحو طرد وكلاء إيران".

وبلهجة تهديد واضحة، قال برّاك: "إذا استمرت بيروت في التردد بشأن نزع سلاح (حزب الله) فقد تتصرف إسرائيل بشكل أحادي وستكون العواقب وخيمة".

سلام يعاكس ادعاءات برّاك
وفي أحدث تكذيب رسمي لمزاعم برّاك حول أسباب فشل وقف اطلاق النار في لبنان، قال رئيس الحكومة نواف سلام في 20 تشرين الأول 2025، لصحيفة "الشرق الأوسط"، إن "المفاوضات غير المباشرة، التي تجري في الناقورة برعاية هيئة الرقابة الدولية، برئاسة الجنرال الأميركي مايكل ليني، وصلت إلى حائط مسدود نتيجة إصرار إسرائيل على خرق وقف النار، وتماديها في اعتداءاتها، بخلاف التزام لبنان بتطبيقه بحرفيته".

الأمم المتحدة تؤكد خروقات "إسرائيل" لوقف إطلاق النار
وفي تأكيد أممي على عدم التزام "إسرائيل" لوقف إطلاق النار، كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الأول من تشرين الأول 2025، عن توثيق مقتل 103 مدنيين في لبنان منذ وقف إطلاق النار، وقال: "ما زلنا نشهد آثارًا مدمرة للغارات الجوية وضربات الطائرات المسيّرة في مناطق سكنية، وكذلك قرب مواقع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الجنوب".

وكانت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" قد أعلنت الأحد 13 تشرين الأول 2025، عن إصابة أحد جنودها بجروح طفيفة جراء قنبلة ألقتها طائرة مسيّرة إسرائيلية بالقرب من موقع تابع لها في بلدة كفركلا جنوب لبنان. ووصفت اليونيفيل في بيانها الهجوم بأنه انتهاك خطير جديد للقرار 1701، ويعكس استخفافًا مقلقًا بسلامة جنود حفظ السلام الذين ينفّذون مهامهم بموجب تفويض من مجلس الأمن، مجدّدةً دعوتها للجيش الإسرائيلي إلى وقف جميع الهـجمات على جنودها أو بالقرب منهم.

الولايات المتحدة تنصّلت من التزاماتها 
تمثّل مزاعم برّاك حول اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الإدارة الأميركية تنصلًا من الاتفاق. ففي 28 تشرين الثاني 2024، أي بعد يوم واحد على اعلان وقف الأعمال العدائية، قال المبعوث الأميركي إلى لبنان آنذاك آموس هوكشتين، إن ما تم التوصل إليه في لبنان بين "إسرائيل" وحزب الله ليس مجرد هدنة بل اتفاق مستدام. وبيّن أن "الولايات المتحدة ستترأس لجنة المراقبة التي تضم فرنسا وإسرائيل ولبنان واليونيفيل".

وفي تصريح له في 7 كانون الثاني 2025، إن "الانسحابات من لبنان ستستمر حتى تكون جميع القوات الإسرائيلية خارج الأراضي اللبنانية بشكل تام، مع استمرار انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وصولا الى الخط الأزرق".