فؤاد السنيورة "2002" : إن قمت بتحرير سعر الصرف ستجدني "جثة عائمة" في نهر بيروت في اليوم التالي

كشف الخبير الاقتصادي العالمي كينيث روغوف، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي وأستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد، في كتابه الجديد الصادر عام 2025 بعنوان: "دولارنا، مشكلتكم: نظرة من الداخل على سبعة عقود مضطربة من التمويل العالمي والطريق إلى الأمام"، عن كواليس هامة مرتبطة بموقف وزير المالية السابق فؤاد السنيورة من سياسات تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار عام 2002.

يرد في الكتاب وقائع اجتماع عُقد في تشرين الثاني 2002 في مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن، حضره رئيس الوزراء اللبناني آنذاك رفيق الحريري، برفقة كلٍّ من وزير المالية، وزير الاقتصاد، وحاكم مصرف لبنان، وذلك قبل انعقاد مؤتمر المانحين المعروف بـ"باريس 2".

ويذكر روغوف أنه حذّر الحاضرين في ذاك اللقاء من أنّ أسعار الصرف الثابتة بصرامة قد تكون إشكالية للغاية، وبالنظر إلى ارتفاع حجم الدين العام اللبناني، والعجوزات الحكومية الكبيرة، والعجز المستمر في الحساب الجاري الذي بدا غير قابل للاستدامة، كان لا بد من اعتبار نظام سعر الصرف الثابت في لبنان هشًّا للغاية.

في اليوم التالي، طلب السنيورة اجتماعًا ثنائيًا من روغوف، حيث قال له السنيورة إنّ وزارته والمصرف المركزي يدركان تمامًا المخاطر الكامنة في نظام سعر الصرف، إلا أنه استدرك قائلًا إنّ هناك أمرًا آخر يجب على صندوق النقد الدولي أن يعلمه قبل أن يجرؤ حتى على التلميح بأن على لبنان التخلي عن نظام سعر صرف ظل صامدًا حتى تلك اللحظة: "هل تدركُ أن هناك شخصيات ذات نفوذ هائل تودِعُ أموالَها في لبنان؟ لو أعلنت وزارة المالية غدًا أن لبنان سيغيّر سعر صرفه الثابت مقابل الدولار، لوجدتَني في اليومِ التالي جثةً تطفو في نهر بيروت". وكانت الرسالةُ واضحةً تمامًا.

يعلّق الكاتب أنّ الحفاظ على سعر صرف ثابت مع استمرار نزيف الاحتياطيات، أشبهُ بمشاهدةِ ساحرٍ يؤدي خدعةً تتحدى قوانينَ الطبيعةِ على خشبةِ المسرح.

يؤكد موقف السنيورة حينها أن ثبات سعر الصرف في ذلك الوقت كان قرارًا سياسيًا مرتبطًا بشبكة علاقات ومصالح خاصة كبرى، وقد كان من أكثر العوامل تأثيرًا في الانهيار الاقتصادي اللبناني بعد العام ٢٠١٩.

منشورات ذات صلة