جنوب الليطاني: مختبرٌ يفضح أكذوبة «الضمانات» الأميركيّة
منذ انسحاب مقاتلي حزب الله وسحب كل أشكال السلاح الثقيل من جنوب نهر الليطاني، تروِّج واشنطن لورقتها الجديدة على أنّها «وصفة سحرية» لتهدئة الحدود. لكن الوقائع الميدانية تُبيّن العكس تمامًا: المنطقة الوحيدة في لبنان التي خضعت حرفيًّا للشروط الأميركية-الإسرائيلية هي بالضبط الأكثر تلقّيًا للضربات. يكفي الرجوع إلى بيانات الجيش اللبناني، وتوثيق اليونيفيل، ومواقف رئيس الجمهورية اللبنانية، لنرى أنّه لا وجود لمقاومة مسلّحة جنوبي النهر، وأنّ الجيش اللبناني والقبّعات الزرق يملؤون الفراغ؛ ومع ذلك، لا تنفكّ مدافع وطائرات تل أبيب عن الاعتداء على البلدات والقرى.
حقائق تفضح «نموذج» واشنطن
• 47.5% من نيران الاحتلال، بحسب موقع «علما» المقرّب من الاستخبارات الإسرائيليّة، استقرّت داخل منطقة جغرافية يُفترض أنّها منزوعة السلاح ومحروسة دوليًّا، أي جنوب نهر الليطاني. أمّا 36.9% فسقطت شمالي الليطاني، و13.5% في البقاع، و2.1% طالت بيروت. هذه الأرقام وحدها تفضح الادّعاء الأميركي بأنّ التخلّي عن المقاومة يُنتِج أمانًا.
• الجيش اللبناني، المحروم من أبسط مقوّمات الدفاع الجوّي، لا يملك سوى إحصاء الخروق. واليونيفيل تكتفي ببيانات الإدانة، عند الحرج، بينما الطائرات تُغلق سماء الجنوب.
• منذ تطبيق «نزع السلاح» جنوبي الليطاني، ارتفع معدّل الاعتداءات الجوّية والمدفعيّة بنسبةٍ تفوق ما قبل الانسحاب، ما يثبت أنّ تل أبيب تقرأ كل تنازل لبناني بوصفه ضوءًا أخضر لمزيد من الغارات.
إلى مَن يروّج للورقة الأميركيّة
إن أرادت الدولة اللبنانيّة اختبار صدقيّة أي التزام إسرائيلي، فلتطالع حصيلة جنوب الليطاني: أشهر من الانسحاب الكامل للمقاومة لم تُقابَل بخطوة واحدة نحو الانسحاب الإسرائيلي من النقاط المحتلّة أو كفّ الاعتداءات. المطلوب إذًا من واشنطن وتل أبيب، قبل إملاء أي «مخطّط سلام»، أن تُظهرا نموذجًا واحدًا التزم فيه العدوّ بالانسحاب ووقف النار عندما تراجع سلاح المقاومة. أمّا دون ذلك، فستظلّ ورقة المبعوث الأميركي توم برّاك مجرّد وصفة مُجرَّبة سلفًا لإطلاق يد الاحتلال، لا لضمان أمن اللبنانيّين.