حكومة الخيانة الوطنية
منذ 27 تشرين الثاني 2024 وحتى صباح 5 آب 2025، نفّذ العدو الإسرائيلي 4247 خرقًا (لاتفاق وقف الأعمال العدائية) وعدوانًا على لبنان، ارتقى نتيجتها 230 شهيدًا وسقط 477 جريحًا. الحكومة اللبنانية، التي تقاعست عن أي إجراءات لحماية الوطن وسيادته، التأمت عصر 5 آب في القصر الجمهوري في بعبدا، لمناقشة ورقة شروط أميركية - سعودية - إسرائيلية أمليت على رؤسائه، وخرج من الجلسة نواف سلام ليتصدّر الموقف ويقطف ثمار "الإنجاز"، معلنًا التزام حكومته الكامل بورقة الفتنة الخارجية عبر "تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لمناقشتها وإقرارها".
شوائب جلسة الخيانة في الخامس من آب
- أخل رئيس الجمهورية جوزاف عون بخطاب القسم الذي تعهد فيه بمناقشة "سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني"، وجاء هذا الإخلال تحت وطأة الضغوط الخارجية والداخلية، بما يتنافى مع سيادة الدولة، وسيادة الرئيس على قراره.
- لم يلتزم جوزاف عون بالورقة اللبنانية التي رفعها للأميركيين وأعلنها بخطابه يوم 31 تموز 2025، والتي تنص على وقف الاعتداءات الإسرائيلية والتزام "إسرائيل" بما عليها من متوجبات في اتفاق وقف الأعمال العدائية وانسحابها من الأراضي اللبنانية قبل مناقشة مسألة السلاح. وهي على كل حال ورقة رفضها الأميركيون.
- بات واضحًا أن رئيس الحكومة نواف سلام يتعامل بالكامل على أنه تحت إمرة الموفد السعودي يزيد بن فرحان، وهو يلبي الشروط السعودية بالحرف، ويعمل كوكيل للمشروع السعودي للدفع نحو حرب أهلية في لبنان، في الوقت نفسه الذي يخرج فيه إلى المنابر الرسمية ليتحدث بمنطق الدولة والقانون.
- لم تقم الحكومة اللبنانية بأي دور أو جهد لوقف الاعتداءات الإسرائيلية اليومية، وتحرير الأرض المحتلة، وإعادة الأسرى (حتى أن رئيسها أسرّ لوفد من شبعا أنه لم يكن يعلم بوجود أسير من شبعا أساسًا بحسب ما نشرت صحيفة "الاخبار" في 5 آب 2025) وإعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي، رغم التزاماتها بالتصدي لكل هذه البنود في بيانها الوزاري، فضلًا عن خطاب القسم الرئاسي.
- يظهر تناغم كامل بين نواف سلام ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، لإخضاع جوزاف عون ودفعه للذهاب بالمواجهة إلى أقصاها، ووضع الدولة بمواجهة مع قوى المقاومة في البلد. وبدل أن يستثمر عون في المرونة التي يبديها الحزب لإنتاج تسوية تاريخية تنقل لبنان على مستوى الاستقرار والسيادة إلى مرحلة حفظ الوطن، ويكون ذلك إنجازًا تاريخيًا يسجّل له، ينزلق إلى ما يريده جعجع، ويرسمه سلام، وتمليه السعودية، فيسجّل باسمه أكبر اقتتال أهلي في تاريخ لبنان.
دولة مسلوبة السيادة مخالفة لروحيّة دستورها
ما يمكن استخلاصه بعد جلسة الخامس من آب والانصياع الكامل للإملاءات الخارجية، هو أن الدولة اللبنانية باتت اليوم مسلوبة السيادة بشكل كامل، تخالف ما يفرضه عليها الدستور بالدفاع عن شعبها وتحرير أرضها، كما تخالف المواثيق الدولية التي تضمن لأي شعب الحق بالدفاع عن نفسه وبمقاومة الاحتلال وبتحرير أرضه، وتنصاع بشكل كامل للإرادة الخارجية المخالفة للمصلحة الوطنية. ومع كل ذلك، لا يجد رموزها حرجًا في استخدام عناوين الدولة والقانون كغطاء ليس للدفاع عن البلد وشعبه وسيادته، بل ضد القوّة الوحيدة التي يمكن أن تكون إلى جانب الدولة في استعادة سيادتها وتحرير أرضها من خلال استراتيجية دفاعية، التزم بها رئيس الجمهورية في خطاب القسم.