حلّ قواتي «سحري» لأزمة الكهرباء: كابل بحري من قبرص إلى لبنان
إعداد: حسين عطوي
عاد مشروع الربط الكهربائي البحري بين قبرص ولبنان إلى الواجهة مؤخرًا، بعد لقاء رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون مع وزير الطاقة جو الصدّي، حيث طُرحت إمكانية التعاون مع الجانب القبرصي في ملف الطاقة.
فكرة مدّ كابل كهربائي تحت البحر يصل مباشرة إلى بيروت تُقدَّم كحلّ واعد لأزمة الكهرباء المتفاقمة، لكن خلف هذا الطرح تختبئ أسئلة أكثر من الأجوبة!
* ماذا في التفاصيل؟
فنيًا، يُفترض أن يمتد الكابل البحري لمسافة تقارب 190 كيلومترًا، ناقلًا الكهرباء من منشآت قبرصية إلى الشبكة اللبنانية. غير أنّ أي دراسات رسمية أو تقنية مفصّلة لم تُعرض على الرأي العام اللبناني بعد، كما لم تصدر وزارة الطاقة في لبنان أو قبرص مواقف توضيحية حول آليات التنفيذ، أو مصادر التمويل، أو الجهة التي ستشرف على المشروع.
ورغم أن قبرص تطمح للعب دور محوري في شبكة الربط الكهربائي شرق المتوسط، إلا أن المشروع لا يزال في مراحله الأولية بالنسبة للبنان. يمكن القول إن هناك رغبة قبرصية في التعاون ضمن هذا الإطار، خاصة في ظل مشاريع الربط الإقليمي الكبرى التي تُناقش على مستوى دولي؛ غير أن التفاصيل المتعلقة بآليات التنفيذ والتزامات التوريد، لم تتبلور بعد بشكل رسمي بين الجانبين.
* كلفة مرتفعة وغموض في الجدوى
في السياق الداخلي، يُطرح المشروع كخطوة مستقبلية دون أن يندرج في أي خطة طوارئ، أو خارطة طريق رسمية من وزارة الطاقة. ورغم الكلفة المرتفعة للمشروع، وغموض جدواه العملية، يحظى الطرح، بشكل أو بآخر، برضى شكلي من الأوساط "القواتية" وبعض الجهات اليمينية ، دون أن يترافق ذلك مع أي دور رقابي أو إشرافي فعلي على تفاصيله.
* انتقادات على مواقع التواصل
على منصّة X ومواقع التواصل، انطلقت موجة انتقادات واسعة اعتبرت الطرح بمثابة "استعراض إعلامي" يفتقر للواقعية!
-الأستاذ الجامعي والباحث "قاسم غريّب": "بين الكُلف الاستثمارية لبناء الكابل البحري (مئات الملايين من الدولارات)، وكُلف شراء الكهرباء من قبرص، ألا يجدر بلبنان الشروع في الاستثمار بمعمل كهرباء على الغاز؟ ما الذي يؤخّر هذا الاستثمار، وفوائده واضحة؟"
-جينا الشماس، خبيرة المحاسبة القانونية ومكافحة الفساد:
"شعرت بأن وزير الطاقة فاشل؛ يبحث عن حلول دون دراسة أو عناية. ألا ينبغي أن نبحث عن حلول أكثر دقة وشفافية بدل الهروب إلى الأمام؟"
-الخبيرة في شؤون الطاقة "جيسيكا عبيد": الطرح "يشبه شراء يخت فاخر قبل بناء منزل"، مشددة على أن الحل يبدأ بتطوير معامل الإنتاج، تحديث الشبكة، تحسين البنية التحتية، وتفعيل مؤسسات القطاع، باعتبارها الخطوات الأساسية لمعالجة الأزمة.
لبنان الذي ارتبط اسمه لعقود بأزمات الكهرباء والعتم المتكرر، يبدو أنه أمام مغامرات "كهربائية" جديدة. القوات اللبنانية التي اعتادت شن الهجمات على بواخر الطاقة للتصويب على منافسها السياسي، وجدت الحل في كابل بحري.