معهد كارنيغي
لماذا لا يثق اللبنانيون بالولايات المتحدة
"كانت دروس ما بعد العام 1982 واضحةً من المنظور اللبناني.
الدرس الأول كان أن الأميركيين لا يتردّدون في جرّ اللبنانيين إلى صراع داخلي سعيًا وراء أهداف تفضّلها الولايات المتحدة وإسرائيل، ثم يتخلّون عنهم عندما تسوء الأمور.
والدرس الثاني كان أن واشنطن تستخدم لبنان بسهولة كورقة مساومة عندما يُحقّق لها ذلك مكاسب قيّمة، كما فعلت في أواخر العام 1990.
أما الدرس الأخير، فكان أن الأميركيين يعقدون صفقاتٍ سرّية من وراء ظهر لبنان، لا تؤدّي سوى إلى تقويض سيادته، أو ما يُعَدّ سيادة، ثم يحمّلون اللبنانيين مسؤولية العواقب، كما اتّضح من موافقة كريستوفر على تفاهم نيسان.
لذا، لا يحتاج المرء اليوم إلى تعاطي المخدّرات ليعي أن الوثوق بالأميركيين غالبًا ما يكون فكرةً سيّئة. وهذا ما تثبت صحته أكثر عندما تأتي مبعوثتهم إلى بيروت وتستهلّ تصريحاتها بتوجيه الشكر إلى "إسرائيل" على إلحاق الهزيمة بحـ.ـزب الله، غافلةً عن حقيقة أن الإسرائيليين فعلوا ذلك بعد أن قـ.ـتلوا آلاف المدنيين اللبنانيين، ودمّروا جزءًا كبيرًا من البلاد. كذلك، في وسع المسؤولين في بيروت أن يروا بوضوح أن الأميركيين سمحوا لـ"إسرائيل" بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي تفاوضت عليه واشنطن نفسها. وبما أننا نستخدم هنا مصطلحاتٍ تتعلّق بالمخدّرات، فربما يكون المغزى الحقيقي أن اللبنانيين لا يريدون ببساطة أن يتعاطوا بضاعة مغشوشة".
من مقال في "كارنيغي" بتاريخ ٢٤ نيسان ٢٠٢٥