مرقص للإعلام: لا تطرحوا الأسئلة على الوزراء!

لم تكتفِ حكومة نوّاف سلام بزيادة أسعار المحروقات من خلف ظهر النّاس، بل ظهرت توازيًا فضيحة جديدة في المشهد السّياسي والإعلامي اللّبناني. لكن هذه المرّة، بطلها وزير الإعلام بول مرقص نفسه، الذي خرج ليطلب من الصّحافيّين عدم الحديث مع الوزراء أو سؤالهم عن مداولات مجلس الوزراء.

* ماذا قال وزير الإعلام؟
أثناء نقل وزير الإعلام بعد جلسة مجلس الوزراء في 29 أيار 2025 الى الصّحافيين ما شدّد عليه رئيس الجمهورية جوزاف عون داخل الجلسة من "ضرورة عدم تسريب محاضر مجلس الوزراء"، توجّه إلى الصّحافيّين قائلًا "هذا يعنيكم". ثمّ بعد نقله ما دعا إليه رئيس الحكومة نواف سلام الوزراء داخل الجلسة أيضًا من طلب مماثل، طلب وزير الإعلام من الإعلاميين عدم الإلحاح على الوزراء في السّؤال حول مضمون مداولات الجلسات. ثمّ انتقل الى نقل شكاوى رئيسَي الجمهورية والحكومة والوزراء من إصرار الصّحافيّين على الأسئلة! داعيًا ضمنيًّا إلى التّعتيم الكامل على ما يجري داخل مجلس الوزراء.

وكشفت مصادر وزاريّة أن اهتمام سلام الأبرز في الجلسة الوزاريّة الأخيرة (29 أيار) لم يكن إيجاد الحلول المُثلى للأزمة الاقتصادية، بل البحث في كيفيّة منع تسريب المعلومات حول مداولات مجلس الوزراء.

ما هي الخطورة؟
أطلق وزير الإعلام - الذي يفترض به الدّفاع عن حريّة التّعبير، النّار - على الإعلام نفسه.

لطالما تميّز لبنان بسقف عالٍ للحريّات الصّحافيّة، حتّى في أقسى الظّروف، وسط محيطٍ عرف بقمع حرية الرّأي والتّعبير وكلّ أشكال النّقد. لكنّ الحكومة الحاليّة بدأت من خلال وزير الإعلام محاولة ترهيب الصّحافيّين، وسجّلت سابقة في تاريخ وزارات الإعلام في لبنان من خلال دعوة الوزير الإعلاميّين إلى عدم طرح الأسئلة على الوزراء، بذريعة سرية مداولات مجلس الوزراء!

مرقص الذي لا يملك خطّة لمحاربة خطاب الكراهية المُعمّم على شاشات وصحف وأقلام فريق الوصاية، ولا سياسة واضحة لضبط التّمويل المشبوه لبعض وسائل الإعلام، ولا أي آلية لمراقبة التزام هذه الوسائل بالقوانين اللّبنانيّة سيّما ما يمس منها بالأمن القومي، قرّر أنّ وظيفته الوحيدة هي نهي الصّحافيّين عن مهمّتهم الرّئيسيّة، أي السّؤال والحصول على المعلومة ونقلها إلى النّاس.

* محاولة لاستنساخ تجارب القمع في الخليج
لعلّ من المفيد التّذكير أن الحرّيّات في لبنان هي من الثّوابت القليلة ضمن مكونات هويته، بالتّالي، فإنّ ما يقوم به وزير الإعلام – بتفويض وضغط من نوّاف سلام – هو محاولة منظّمة لقمع الإعلام الحرّ وتحويل لبنان إلى نسخة باهتة عن إمارات الخليج حيث يُسجن المرء أو "يختفي" بعد تغريدة معاكسة لرأي "الأمير". 

وهذه ليست الحادثة الأولى في هذا العهد، فقد شهدنا حملة تشويه وتحريض ضد صحيفة "الأخبار" لمجرّد انتقادها وكشفها تفاصيل التّدخل السّعودي في لبنان. وقد وصل الأمر حدّ إصدار رئيس الجمهورية في 11 أيار   2025 بيانًا إلى جميع وسائل الإعلام اللّبنانيّة "بضرورة التّحلّي بالمسؤوليّة الوطنيّة، والقانونيّة، والأخلاقيّة، في هذه الظّروف الحسّاسة بالذّات"، مهيبًا "بالجميع عدم التّطاول، تجنّيًا أو تلفيقًا أو تركيبًا، على أيّ جهةٍ خارجيّة صديقة للبنان، وخصوصاً من الأشقّاء العرب"، حسب تعبيره.

منشورات ذات صلة