اندحارٌ تحت النار.. وعملاء في مشهد الذل
لكن، ما الذي لم تلتقطه عدسات الكاميرات؟
في النصف الثاني من مشهد الأهالي المتدفقين إلى قراهم، عناصر من جيش لحد (عملاء جنّدتهم "إسرائيل" لخدمتها في الشريط المحتل) يحاولون وقف تقدم الأهالي بالقوة، فيطلقون النــار من رشاشاتهم الثقيلة على المتقدمين، ما يؤدي إلى إصابة البعض.
يقنص العملاء سائق إحدى الجرافات التي تحاول فتح أحد المعابر، فيستشهد على الفور، ثم يرمون قــــذائف مدفـ.ـعية فيستشــ.ـهد آخرون، على رأسهم الشيخ أحمد يحيى - أبو ذر (23 أيار 2000).
أمّا المقـ.ـاومة، فتأخذ المبادرة، لتقصف عدّة مواقع للاحتلال قبل أن توجّه نداءات للعمـلاء عبر مكبرات الصوت من المساجد، بضرورة تسليم أنفسهم، وإلا، فمصيرهم المـ.ــوت.
يستسلم قسمٌ كبيرٌ من العملاء حيث يتم التحقيق معهم قبل تسليمهم للقضاء اللبناني. ويدخل رجال المـ.ـقاومة إلى المواقع التي تم الاندحار منها، ليتم افراغها من العتاد والوثائق على عجل، قبل نسفها بكميات ضخمة من المتـ.ـفجرات، كانت كافية لبث الرعب في قلوب من تبقى من عملاء حاولوا الالتحاق بآخر ركب الذل الاسرائيلي الفار باتجاه الحدود الفلسطينية، فكان المشهد التاريخي للعملاء ومقولتهم تلك حين أغلق العدو الحدود بوجههم وتركهم ينتظرون ساعات: "كنا متوقعين ننكحت بس بشرف"! (ما يزال كبارهم موجودين داخل الكيـ.ــان إلى اليوم).
لم يكن مقررًا أن ينتهي كل شيء يوم 25 أيار، بل كان مخطط الإسرائيليين هو الإبقاء على احتلال موقعين كبيرين خلفيين، وتسليم المنطقة لجــ.ـيش العمــ.ــلاء، فتصبح المواجهة لبنانية-لبنانية وتأخذ طابعًا طائفيًا.
لكن المقاومـ.ـة كانت قد دكّت عماد جيش العدو قبل فترة، بتنفيذها برنامجًا دقيقًا بدأ بتصفية قائد القوات الإسـرائيلية في لبنان "إيريز غيرشتاين" في 28 شباط 1999 واقتحام وتدمير موقعي عرمتى (28 نيسان 2000) والبياضة (18 أيار 2000) بطريقة دراماتيكية واختراق جيـ.ـش العمــ.ــلاء بالعناصر المزدوجة، ما جعل جيش العملاء ضعيفًا وغير قادر على الصمود أكثر من 48 ساعةً من بدء عملية التحرير. ولم تستطع القوات الإسرائيلية الاحتفاظ بمواقعها، فأعلن رئيس أركانها الانسحاب خلال أسبوع. ثم كانت إرادة المـ.ـقاومة بفرض أجندتها، لتجبر العدو على الاندحار تحت النار خلال يومين فقط، تحت وابل من القــ.ـذائف المدفــ.ـعية.
ترك الاسرائيليون خلفهم الكثير من العتاد، الذي أغــــار طيرانهم على بعضه لاحقًا كي لا يقع بيد المقـ.ــاومـ.ـه. كما تركوا وراءهم، جيشًا من العملاء يتذلل لهم عند بوبة فاطمة الحدودية للعبور باتجاه فلسطين المحتلة هربًا من أبناء الأرض..