القضاء على القضاء
وعلمت منصة "بيروت ريفيو" أن مشروع القانون لم ينل نصيبه من النقاش في مجلس الوزراء، لسببين رئيسيين:
1- تسلّمه الوزراء قبل 48 ساعة فقط من الجلسة التي أقرّ فيها، علمًا بأنه يضم أكثر من 150 مادة.
2- تبيّن أن رئيس الحكومة نواف سلام "منع" النقاش في مواد المشروع، واستعجل إقراره كما هو من دون أي تعديل، لكي تسجّل الحكومة إنجازًا "إصلاحيًّا".
متري يعترض
نائب رئيس مجلس الوزراء، طارق متري، اعترض على عدم منح الوزراء الوقت الكافي لدراسته ومناقشته، إلا أن رئيس الحكومة أصرّ على إقراره في الجلسة نفسها.
وعلمت "بيروت ريفيو" أن سلام تباهى أمام مقرّبين منه بأنه مرّر الاقتراح من دون السماح للوزراء بمناقشته!
لماذا لا ينتخب القضاة جميع أعضاء مجلسهم؟
إضافة إلى متري، تحفّظ على المشروع وزير العمل محمد حيدر ووزير الصحة ركان ناصر الدين.
وسجّل الأخيران تحفظهما على كيفية تأليف مجلس القضاء الأعلى، لأن 3 من أعضائه يصبحون أعضاء حكمًا عند تعيينهم في مناصبهم القضائية، وهم الرئيس الأول لمحكمة التمييز (رئيس مجلس القضاء الأعلى) والمدعي العام التمييزي (نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى)، ورئيس التفتيش القضائي. ويتم تعيين اثنين آخرين من أعضاء المجلس بمرسوم، ما يعني أن السلطة السياسية تعيّن نصف أعضاء المجلس، فيما الخمسة الآخرون ينتخبهم القضاة. وهذا يعني أن مجلس القضاء الأعلى، الذي يضع التشكيلات القضائية وينظم عمل المرفق القضائي، سيبقى خاضعًا للسلطة السياسية إلى حد بعيد.
اقترح ناصر الدين أن يكون جميع أعضاء المجلس منتخبين من القضاة، بما يحقق استقلالية أكبر للسلطة القضائية، إلا أن رئيس الحكومة اعترض على هذا الاقتراح قائلًا إن "في لبنان خصوصيات وتوازنات يجب مراعاتها". ردّ عليه ناصر الدين قائلًا: "إذا كنتم ترون وجوب مراعاة خصوصيات وتوازنات لبنانية، فلماذا إذًا اقتصار الأعضاء الحكميين في مجلس القضاء الأعلى على قضاة من طائفتين اثنتين دونًا عن سائر الطوائف، فيما لا يوجد أي قاضٍ من الطائفة الشيعية مثلًا من الأعضاء الحكميين، فأجاب سلام بأن طائفة رئيس المجلس ونائبه ورئيس هيئة التفتيش لن تبقى محصورة بالموارنة والسنّة، "لكن التغيير يحتاج إلى بعض الوقت".
إلى مجلس النواب
وزراء آخرون عبّروا عن عدم رضاهم عن مشروع القانون، لكنهم جاروا سلام في وجوب إقراره، لكي تسجّل الحكومة "إنجازًا إصلاحيًا أمام المجتمع الدولي". ولفتوا إلى أن المشروع ستتم دراسته في مجلس النواب، ما يعني إمكان إدخال تعديلات عليه.
الصورة الحقيقية لسلام
مضمون مشروع قانون استقلالية القضاء يكشف سلوك رئيس الحكومة، لجهة تسويقه أفكارًا إصلاحية في العلن، فيما هو في جلسات مجلس الوزراء لا يختلف عن أي سياسي تقليدي يُشهر سيف "الخصوصيات" و"التوازنات" للحفاظ على الواقع كما هو، من دون أي إصلاح جوهري للأنظمة المعمول بها في السلطات المختلفة.